مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
كلمة الرئيس

ويل للعراق مما يلاقي/الدكتور عبد الرزاق قسوم

G-431-150x150-150x1501-150x150221ويل له، ويل لهذا الشعب العربي، المسلم، الشقيق مما يلاقيه من مصائب ومعاناة! ويل للعراق مما يلاقيه على يد أبنائه من تفجير وتدمير ومن اغتيال واعتقال. فعراق الخزامى والنشامى اِبتُليَ بعقوق بعض أبنائه، وصدود أشقائه.

لم يفعل أعدى أعداء العراق ما فعله به أبناؤه وحكامه؛ من قتل، وختل، وسحل، باسم الطائفية اللّعينة، والحاكمية المهينة، وما يربط بين هذه وتلك من الفتن والمحن، وكلّ ألوان الحقد والضغينة.

فيا لله لشعب فقد معنى الوجود السياسي على الصعيد الوطني والدبلوماسي. فأخبار التفجيرات، والأناة والصرخات قد غدت هي اللازمة القاصمة لظهر المواطن العراقي التعيس، الذي يدفع ضريبة التعصب العربي وسوء التسييس.

لقد غطى دويُّ الانفجارات في كلّ أنحاء العراق على أجراس طبول الحرب التي تقرع، إيذانًا بالهجوم على الشعب السوري المسكين الذي بات مقتولا بالقوّة أو بالفعل على أيدي حكامه وأبنائه، بوسائل أشقائه وأعدائه.

كما ألْهتنا أخبار الموت في عراق دجلة والفرات، عن القمع والظلم الذي يعيشه الشعب المصري الشقيق بسبب انتصاره للشرعية، ومحاولات إخماد أصوات المظاهرات المدوّية.

وشغلنا، نحن الجزائريين، بالذات، بفتنة الحرب المدنية العراقية عن التغييرات السياسية والعسكرية والإدارية التي تعيشها الجزائر، والتي أرعدت فرائس البعض، وأفرحت قلوب الآخرين، هل كتب على الوطن العربي في الزمن الذي تزهو فيه شعوب الأرض بالسباق نحو التطوّر الاقتصادي، والتقدّم العلمي، والإبداع التكنولوجي، من أجل إسعاد الإنسان، هل كُتِب على وطننا العربي أن لا يعيش إلاّ بالويل والثبور، وعظائم الأمور؟.

إنّها لعنة التاريخ التي لم يسلم منها جزء عربي واحد، من الخليج إلى المحيط، وإن فتشت عن أسباب تلك اللّعنة فستجد عللها تكمن في التشبّث بكرسي الحكم بدون عدّة، والبطش بالشعوب أطول مدّة، ونبذ قوانين الشورى والديمقراطية، في زمن الرخاء وفي زمن الشدّة.

إنّنا نبرأ إلى الله مما يفعله حكام العراق وأبناؤه به، كما نبرأ إلى الله مما يفعله النظام في سوريا، من هدم للخيرات، وبيع للمعدّات، وتسليم للكيمياويات، وكلّ ذلك من أجل البقاء في الصالونات، متصاممين عن سماع أصوات المُعَذبين من الضحايا من مختلف الفئات.

تداخلت –والله- أزمنة الواقع العربي فلم نعد نفرق فيها بين الصيف والربيع، أو بين فصل الخريف وفصل الصقيع، فكلّها دماء ودموع، وأشلاء ومشانق في كلّ الرّبوع، فإلام العيش في الدهاليز والزنازن، بعيدًا عن أشعة الشمس والأضواء، مقتصرين على عصر القناديل والشموع؟.

يا لله، لشعبنا العربي المسكين، الذي طار من رأسه الأمل، ودخل في زمن اليأس والقنوط، وقرب الأجل! فبعد العراق وسوريا، وبعد تونس وليبيا، ها هي مصر التي كانت قوّية تسقط في درك الحرب المدنية بسبب الانقلاب على الشرعية، والخضوع للمؤامرة الخارجية، ينقسم شعبها إلى وطنيين وبلطجية.

وإنّ داء فقد المناعة الذاتية، قد دبّ إلى كلّ مفاصل الأمّة العربية، وما ذلك إلاّ لأنّ المرابطين على الثغور، والحكماء والعالمين بخبايا القصور، والمجاهدين والمقاومين لأنواع العُهر والفجور، قد اخلوا دورهم في صيانة الأمور، ومكّنوا للأعداء من التغلغل، ومن العبور.

رحماك ربّي، يا ناصر المستضعفين، ويا خاذل الظالمين والمستكبرين! هل كُتِب علينا أن نظلّ في هذا الليل الدّامس الطويل، نعاني الذلّ والخسف، غير آمنين ولا مطمئنين؟ هل حُكِم علينا أن نعيش مغمضي العيون، معصوبي العقول، ندور كما يدور حمار الرّحى دون قصد أو غاية، تُلهِب ظهورنا سياط المستبدّين من البداية إلى النهاية؟.

لطالما دعونا حتى ملّنا الدعاء، وبكينا حتى احمرّت عيوننا من البكاء، وتطلعنا إلى السماء، فردتنا السماء بسبب أفعالنا، لأنّنا فقدنا أسباب التغيير، ومقوّمات البقاء… فمتى يُفتَح لنا باب الرّجاء، ويُستَجاب لنا الدعاء؟.

إنّ ذلك لن يتحقق إلاّ عندما يكّف الحاكم في العراق عن استبداده، ويعرب الشعب العربي في سوريا، وفي مصر عن كامل استعداده، ويعود المواطن الليبي والتونسي إلى وعيه الحقيقي بضرورة تفويت الفرصة على بقايا أسياده وقواده.

ويومها يفرح المؤمنون في كلّ مكان بنصر الله، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرّحيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى