شـــركـــاء الـجـــريــمـــــة!/عبد الحميد عبدوس
لقد أثبت الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي أنه يستطيع التفوق على الجنرال الإسرائيلي ارييل شارون في سفك الدماء،حيث فاق عدد ضحايا مجازر النهضة ورابعة العدوية وميدان رمسيس بالقاهرة من المحتجين المصريين في أوت 2013، ضحايا مجازر صابرا وشتيلا ضد اللاجئين الفلسطينيين في جويليه 1982.
فبعد أن تحصل قادة الانقلاب على الإذن من قادة الجيش الإسرائيلي لدخول أراضي سيناء المصرية لمحاربة سكان سيناء الإرهابيين، أخذ قادة العسكر في مصر موافقة نظرائهم في إسرائيل على خوض الحرب النهائية ضد جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفهم في خانة المنظمات الإرهابية ،حسب ما كشفت عنه القناة الإسرائيلية العاشرة،حتى أصبحت مشاهد القتل على المباشر للمعتصمين والمتظاهرين في ميادين وساحات مصر تشبه رياضة صيد الأرانب والطيور البرية.!
وهكذا أصبح المصريون من معارضي مصادرة الشرعية الانتخابية يقتلون ليلا ونهارا تحت سمع وبصر دول العالم بأيادي جنود السيسي وبالسلاح الأمريكي والتأييد الإسرائيلي والمال السعودي، مما يجعل كل هؤلاء شركاء في جريمة إراقة الدم المصري!
ومما لاشك فيه أن يوم الرابع عشر أوت ( أغسطس ) سيدخل التاريخ الحديث كأحد أكثر الأيام دموية في التاريخ المصري الحديث،حيث استمر القتل الجنوني للمعتصمين في ميداني «النهضة» و»رابعة العدوية» من طلوع الشمس إلى غروبها في ذلك اليوم الدامي،حتى أنه كان من الصعب أن يصدق المرء أن من كانوا يقومون بتلك المجزرة الرهيبة من رجال الشرطة والجيش هم بشر يتقاسمون مع ضحاياهم من الرجال والنساء والولدان نفس الانتماء إلى الوطن واللغة والدين والثقافة والتاريخ المشترك؟!
وبموازاة مجزرة «النهضة» و»رابعة العدوية» كانت هناك مجزرة لا تقل بشاعة وفجورا تتم داخل أغلب وسائل الإعلام المصرية التي كان رجالها ونساؤها يتراقصون على جثث الضحايا ويكيلون عبارات الثناء والتهاني لقوات الانقلاب على انتصارها البطولي في معركتها ضد الإرهاب! هذه المجزرة الفظيعة للأخلاق الإنسانية والشرف المهني كانت بمثابة التتويج الطبيعي لحرب التضليل والتحريض التي قادتها وسائل إعلام الفلول ومنابر الفتنة التي بلغت حدا لا يدرك في خلق الذرائع وتلفيق التهم وكيل الشتائم للمواطنين الشرفاء من كل شرائح الشعب المصري وأطيافه السياسية الذين رفضوا مصادرة الإرادة الشعبية واختطاف رئيس منتخب واستخدام قوة البنادق والدبابات والمدرعات للدوس على مكتسبات الثورة المصرية في 25 يناير 2011 والعودة بالبلاد وعشرات السنين إلى الوراء إلى زمن قمع الحريات وتزوير الانتخابات وتعسف قانون الطوارئ.• ذات يوم قال وزير البروباغندا النازية غوبلز لزعيمه أدولف هتلر:»أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعي»! فعندما نسمع رئيس حزب من الأحزاب المصرية التي تدعي الانتماء إلى التيار الديمقراطي يقول بكل برودة دم في إحدى الفضائيات المصرية أن: «فض الاعتصام تم بطريقة سلمية وأن الأسلوب الذي استخدمته الدولة في فض الاعتصام يتماشى مع الأساليب المتبعة لفض الاعتصام في النظم الديمقراطية»، وعندما تصرح ممثلة مصرية في الصحافة المصرية «أن فض الاعتصام في رابعة العدوية تم بعقلانية وحكمة وحرفية شديدة» في الوقت الذي كانت صور حمام الدم الذي أغرق ساحة رابعة العدوية تعرض في فضائيات أخرى غير خاضعة لرقابة السلطات المصرية، لابد للمرء أن يستنتج من كل ذلك أحد أمرين إما أن اللغة العربية قد فقدت معانيها وأن مفرداتها لا تحمل نفس الدلالات في لغة بعض عناصر الكتيبة الإعلامية و الفنية المبررة لجريمة الدولة التي ارتكبت ضد معتصمي النهضة ورابعة العدوية، وإما أن الإعلام المصري الذي كان رائدا للصحافة العربية قد أصبح مجندا لتزييف الوعي وقلب الحقائق لتجسيد مقولة غوبلز في عصر القرية الكونية!
لقد تمنيت أمام هول المشهد المصري بالرغم مما كنت قد شعرت به في السابق ،من مساس بسمعة وطني وكرامة الجزائر،أن تصدق تقولات بعض الكتاب والمحللين المصريين الذين كانوا يستبعدون حدوث ما أسموه ب «السيناريو الجزائري» لأن الجيش والشعب المصري يتمتعان، حسب اعتقادهم، بالحس الحضاري والوعي الوطني أكثر من الجيش والشعب الجزائري. وكنت أتمنى لو أن الأشقاء المصريين توصلوا بكل توجهاتهم وأطيافهم السياسية والدينية والفكرية إلى استخلاص العبر من مآسي الشعوب الأخرى،وأدركوا حقيقة لا قولا،بأن الكثير من الناس قد يستطيعون أن يعرفوا كيف يبدأ العنف ومن هي أطرافه،ولكن القليل وربما علام الغيوب وحده، يعرف كيف ومتى سينتهي هذا العنف،وما هو حجم دماره، وكلفة إيقافه؟!