مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الحدث

يا مصر!/ الدكتور عمار طالبي

ما لدمائك تسفك وأنت التي قال الله فيها:{ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ} (يوسف:99)، وما لاقتصادك يترنح وأنت التي قال الله فيها:{اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ}؟ ما سألتم من أمن، وما سألتم من خير، وما سألتم من لطف، ومن رقة، ومن رحمة، ومن أخوة، دخلك إبراهيم الخليل الموحد الأعظم، ويوسف النبي الاقتصادي وإخوته، ويعقوب النبي، ونشأ فيك موسى الرسول الذي نصره الله على جبروت فرعون وسحرته.

فمالك يا مصر تنقسمين وأنت وحدة، وينشب فيك النزاع، وتشتعل نار الفتن، وأنت التي خلقت آمنة، آمن نيلك الذي ينساب خيره أبد الدهر، آمن شعبك الذي صنع الحضارة وأنشأها، وما تزل معالمها شاهدة للعيان، تقيم على عبقرية شعبك برهانا بهد برهان.

مالك يا مصر بعد أن ثُرت على الطغيان، واعتصم شعبك بك في كل ميدان، ميدان التحرير والتنوير، ونصرك الله نصرا مؤزرا، بعد أن ثرت ثورة سلمية أعجب بها العالم، وشهد لها، أصبحت اليوم ضحية، تموجين بالانقسام، وتتآمر عليك الأعداء من كل مكان. أشهد أنك إن سقطت مرة أخرى في الطغيان، وذهبت ريح ثورتك أن يسقط بسقوطك، وذهاب حريتك، العرب جميعا، ويصاب المسلمون بنكسة سوداء، وجرح غائر ماله من شفاء، إلا برفعتك من جديد، وصعود نجمك TALBIتارة أخرى بعد أفوله، وما كان له أن يأفل ويغيب، وشعبك بالمرصاد، وشبابك ورجالك، ونساؤك ماضون للدفاع عنك، وتحقيق مصيرك في الحرية والمجد، وما كان لهؤلاء الشباب والرجال والنساء أن يخضعوا، أو يغلبوا أو يقبلوا الذل، ويرضوا بالهوان!

لا تيأسي يا مصر، ولا تحزني، ولا تهني فأنت العز الذي لا يرام، والقلعة التي لا تضام، وأنت المنارة التي يهتدى بها ويستضاء في أوقات المحن، وحين يسود الظلام.

وما كان لأعدائك أن يفرحوا، ولا للمتآمرين عليك أن يفلحوا، ولا أن يكتب لهم ما أرادوا.

إن الظلم لا يدوم، وإن قوي أهله، وكثرت حبائله وشباكه، وإن تجمعوا وحشدوا ومكروا، واستَعْدَوا عليك يا مصر!

أضاء الله نورك يوم 25 يناير، وأشع، وثار شعبك ثورة عامة على الاستبداد، والفساد، والمظالم فأفلح، وتم له نوره، وأداروا مؤامراتهم، وأكثروا من الكذب والبهتان، وقلبوا الحقائق، وتجاوزوا كل منطق، فأخذهم الحق أيما مأخذ، وجرح قلوبهم جرحا عميقا، وأصبح بعض الإعلاميين والمثقفين الذين كنا نحترمهم، وقد عميت أبصارهم، وطمست بصائرهم، وبرهنوا أنهم كانوا مسجونين في قوالب فكرية، يرجع عهدها إلى الستينات، من القرن الماضي، وإلى أيديولوجيات خشبية أضحت اليوم كرميم فقد كل حياة.

إن وسائل الاتصال اليوم أصبحت لا تخفي الحقائق وإن حاولت طائفة من الكاذبين والمنافقين من الإعلاميين المأجورين إخفاءها، إنها مكشوفة وإن طال بها الزمن ولن يطول.

أما زرع الحقد والكراهية بين المصريين وبينهم والسوريين والفلسطينيين فتلك مصيبة كبرى. إن شعبك يا مصر له من الوعي ما يكشف به الألاعيب، ويتفطن به إلى ما يحاك من الأكاذيب.

إن النصر صبر ساعة، وأن العصر عصر الشعوب، فلم تعد تخاف، ولم تعد ترضى الاستبداد، وإن الشباب اليوم مسلح بوسائل الاتصال، مطلع على الحقائق، بل يبثها تنويرا للناس، وإعلاما بواقع الأمر، ويعلم علم اليقين أن حكم العسكر قد ولى أدباره ولم يعد يقبل أحد، كانت المظالم والمؤامرات والاستعانة بالأعداء أمورا تقع في الظلام والخفاء، أما اليوم فقد ذهب الظلام، وجاء الوضوح والنور، فلا يمكن للاستبداد أن تقوم له قائمة، ولا أن تدوم له دولة، ولا دكتاتورية، فأين الكتاب والمثقفون الأحرار؟ وأين دفاعهم عن الحرية والكرامة، ومصير الشعوب، أم أن أغلبهم طالب عيش، وتابع سلطة، وبائع نفسه للمساخيط الذين دمروا الأمة، وأوقفوا تقدمها، وسرقوا ثرواتها، ولم يكفهم ذلك فسرقوا حريتها، لا تيأسي يا مصر ولا تحزني فإن الأمة معك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى