مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

الإعلام العربي: عندما تغيب المهنية والمبادئ/بقلم: عبد القادر قلاتي

GUELATIعندما بدأ بعض المفكرين الإسلاميين بالتأسيس لمفهوم الإعلام الإسلامي، لم يكن مجهودهم الفكري يقتصر على مجموعة من المبادئ والضوابط الشرعية التي يجب أن تراعى في نقل الخبر، لأن الإعلام غير الإسلامي لا تحكمه مبادئ وضوابط، بل كان مجهودهم هذا يعمل على تحرير مفهوم الإعلام، كما عرفته الموسوعات المتخصصة في هذا المجال، وهو “تزويد الجماهير بالمعلومات الدقيقة، والأخبار الصحيحة، والحقائق الثابتة والسليمة التي تُساعِدهم على تكوين رأي صائب”، دون تحريف أو تغيير أو تزوير، وهذا- طبعا- ليس مبدأ أخلاقيا كما قد يتبادر للمتابع لموضوع الإعلام، وإنما هو مبدأ مهني تقتضيه المهنية الإعلامية، فإذا كان الأصل عند وسيلة إعلامية ما، تشويه الخبر ونقله بما يخدم جهة معينة، أو دولة معينة؛ فهذا ليس إعلاما وإنما هو تشويه لمفهوم الإعلام ورسالته، في تبصير المتلقي بالحقائق كما هي، دون توجيه أو تحوير أو تحليل.

وإذا كانت المهنية الإعلامية تقتضي نقل الخبر كما هو، دون توجيه، فإن مقصود الإعلام الإسلامي، أن يضاف إلى هذا المفهوم، الرؤية الإسلامية في نقل الخبر، قال الله تعالى في محكم التنزيل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات:06).

إن التصور الإسلامي العام الذي يكرس الدعوة إلى البناء الفكري والعقائدي للفرد المسلم، في جميع مناحي الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا يدع مجالا حيويا كالإعلام دون أن يضبط مساره، لأن للإعلام تأثير كبير على الفكر والسلوك، وقد يكون الإعلام أداة هدم خطيرة، إذا لم يتم كبح جماحه، كما هو الحال في كثير من بلادنا العربية والإسلامية، انظر ماذا يفعل الإعلام في مصر، وفي تونس، وفي ليبيا، لقد استطاعت الآلة الإعلامية الضخمة في مصر مثلا أن تقلب الحقائق في الوضع السياسي الحالي، فالرئيس المنتخب والشرعي الوحيد في التاريخ السياسي المصري المعاصر، أصبح الرئيس الفاشل واللاشرعي، بل والخائن العميل لإسرائيل وأمريكا، ولا تتوقف هذه الآلة الهائجة عن الكذب والتدليس، على الإنسان المصري البسيط، بل نسمع دائما بانطلاق قناوات جديدة تعمل في المسار نفسه، وتكرس المقولات الواهية نفسها، وهكذا دواليك اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون، وهو منطق يحسنه تيار التغريب والعلمنة في بلادنا العربية والإسلامية.

ولا ننسى الإعلام في الجزائر، فهو صورة طبق الأصل من مثيله العربي- إلا ما رحم ربك -، فلا تكاد تتصفح جريدة إلا وخرجت بنتيجة واحدة، إنهم يكذبون، يكذبون على المواطن الجزائري في كل شيء، في الأوضاع السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، وحتى في وعيه بالأحداث التي تجري في العالم، وأكثر من ذلك في مقدساته ورموزه وانتمائه الحضاري.

منذ أيام خرجت علينا جريدة معربة –للأسف- بخبر فيه تدليس وكذب واضح، لتكتب في صفحتها الأولى بالبنط العريض “جمعية العلماء تقصف الاتحاد العالمي”، وكأن حربا ضروسا قامت في القاهرة بين جمعية العلماء والاتحاد العالمي، بين الشيخ قسوم والشيخ القرضاوي، والأمر لا يعدو أن يكون، تصريحا بسيطا للدكتور قسوم، لهذه الوسيلة الإعلامية، حول اجتماع العلماء في القاهرة، الذي دعت إليه التنسيقية الإسلامية في الكويت، وقد حضرته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كما حضره الاتحاد العالمي، المطروح الآن كيف تلقى المواطن الجزائري هذا الخبر العار تماما عن الصحة؟.

لا شك أن ما تريده هذه الصحيفة، هو ما وصل إلى المواطن البسيط الذي لا يملك إلا تصديق هذا الخبر لأنه محكوم بهذه الثقافة، ثقافة التهويل الإعلامي المسيّس والموجه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى