مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث دولية

منتج الفيلم المسيء للرسول يعتنق الإسلام/الدكتوريوسف جمعة سلامة

5_31448400
نشرت جريدة الجمهورية الصادرة بجمهورية مصر العربية يوم الاثنين 22/أبريل/2013 وعلى صدر صفحتهاـ الأولى خبراً بعنوانمنتج الفيلم المسيء اعتنق الإسلام..وأدى العمرة ومفاد الخبر :
ـ
 
أعلن عضو حزب الحرية اليميني الهولندي السابق (أرناود فان دورن) منتج الفيلم المسيء للرسول اعتناقه للإسلام، وتوجه إلى مكة المكرمة لأداء العمرة
ـ.
وذكرت مصادر إعلامية أن ( فان دورنزار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، وحرص على الوقوف أمام قبر الرسولصلى الله عليه وسلم – ولم يغادر المكان حتى ذرف الدمع
ـ.
وأشارت المصادر عن(فان دورن) قوله: إنه كان ينتمي لأشد الأحزاب تطرفاً وعداء للدين الإسلامي، موضحاً أنه بعد أن شاهد ردود الأفعال ضد إنتاج الفيلم المسيء للنبي، بدأ في البحث عن حقيقة الإسلامليجيب على تساؤلاته حول سِرِّ حُبِّ المسلمين لدينهم ورسولهم، مؤكداً أن عملية البحث قادته لاكتشاف حجم الجرم الكبير الذي اقترفه حزبه السابق، وأنه بدأ في الانجذاب إلى الدين الإسلامي، وشرع في القراءة عنه بطريقة موسعة، والاقتراب من المسلمين في هولندا، حتى قرر اعتناق الدين الحنيف).
إن حياة رسولنا – صلى الله عليه وسلم – تُعَد نبراساً ومنهاجاً لبناء الشخصية المسلمة التي تتسم بالحق والخير والسمو والاعتدال، فعظمته – صلى الله عليه وسلم- تشرق في جميع جوانب حياته كما قال الإمام علي – كرم الله وجهه – : "كان أجود الناس كفًّا، وأوسع الناس صدراً،  وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، ويقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله، وما سُئِل عن شيء إلا أعطاه".
لقد صنعه ربه على عينه، وأحاطه برعايته وشمله بلطفه ورحمته، وخصه بكرامته وأدبه، فجمع له كل المحامد والمكارم ونهاية عظمة الأخلاق، حتى وصفه بقوله:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(1)1).
إن الأخلاق الفاضلة هي أهم الركائز التي تسير بالأمة نحو واقع أفضل، ومن المعلوم أن الرحمة هي جوهر رسالته – صلى الله عليه وسلم –، وعليها قامت دعوتهعليه الصلاة والسلام-.
سماحة الإسلام
لقد نزلت الرسالة السماوية على سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم – في بطحاء مكة وفي خلال فترة وجيزة وبفضل الله وعونه، وإذ بهذه الرسالة تنتشر انتشاراً سريعاً في أرجاء المعمورة، ومع ذلك فإننا نجد أن هناك من يقول: إن الإسلام انتشر بالسيف، وهذا قول خاطئ، فالإسلام لم ينتشر بالسيف ولا بالقوة ولا بالعنف، لأنه لو انتشر الإسلام بالسيف لزال الإسلام يوم أن زال السيف، فهناك دول كانت الشمس لا تغيب عن ملكها بفعل السيف فلما زال السيف زالت، لكنّ سيف الإسلام -على حَدِّ قول هؤلاء- زال، ولكنْ بفضل الله ورحمته نرى وجوهاً جديدة تدخل كل يوم في دين الله أفواجا، فديننا الإسلامي انتشر بالأخلاق، بالقدوة الصالحة، بالحكمة والموعظة الحسنة، هذا ما تحلى به التجار المسلمون عندما طافوا البلاد بأخلاقهم الكريمة وصفاتهم الطيبة، فدخل الناس في دين الله أفواجا.
إن الحرية الدينية شيء شرعه وابتكره ديننا الإسلامي الحنيف، فصيحة{لي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ}(2) ، هذه الصيحة لم تُعرف إلا في كتابنا العظيم، كما وأن صيحة:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(3) ، هذه الصيحة لم تُعرف إطلاقاً في ملة أخرى.
لقد كان العالم كله وقتئذ يعيش في برك من الدماء، وصراع آثم حول إكراه الناس على العقائد، حتى جاء القرآن الكريم يقول للناس:{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}(4) .
رحمــة الله الواسعــــة
أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدريرضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: (كان في بني إسرائيل رجلٌ قتل تسعة وتسعين إنسانا، ثم خرج يسألُ، فأتى راهباً فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجلٌ: ائْتِ قرية كذا وكذا، فأدركه الموتُ، فَنَاءَ بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقرَّبي، وأوحى الله إلى هذه: أن تباعدي، وقال: قِيسُوا ما بينهما، فَوُجدَ إلى هذه: أقرب بشبر، فَغُفِر له(5).
هذا الحديث يُظهر فضل الله ورحمته على عباده، فرحمة الله واسعة، وباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، ومن المعلوم أن يد الله عز وجل مبسوطة بالعفو والمغفرة لا تنقبض في ليل ولا نهار، تنشد مذنباً أثقلته المعاصي يرجو الأوبة بعد طول الغيبة، ومسيئاً أسرف على نفسه يرجو  رحمة ربه، وفارًّا إلى مولاه يطلب حسن القبول، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها"( 6).
وعند قراءتنا لآيات القرآن الكريم نتعرف على رحمة الله الواسعة، كما في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ}( 7) .
هذا نداء كريم من الربّ الرحيم، إلى عباده الذين فرطوا في جنبه وأسرفوا على أنفسهم، أن ينيبوا إليه، وأن لا يقنطوا من رحمته، ولا ييأسوا من عفوه ومنّته، فهو يغفر الذنوب جميعاً ولا يبالي، ويتجاوز عن السيئات، ويقبل التوبة، ويعفو عن عباده وهو الغفور الرحيم، فمشروعية التوبة دليل على سمو الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
أثر الصفح والعفو
ذكر ابن عبد البر في كتابه الدرر في اختصار المغازي والسير: أن فضالة بن عُمَيْر الليثي ذهب قاصداً قتل النبي صلى الله عليه وسلم – أثناء طوافه بالبيت، فلما دنا منه، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – : "أفضالة؟!" قال: نعم، فضالة يا رسول الله، قال: ماذا كنت تحدِّث به نفسك؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله!، فضحك النبي – صلى الله عليه وسلمثم قال: استغفر الله، ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه، فما كان من فضالة إلا أن قال: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خَلْقِ الله أحبّ إليَّ منه، وأسلم فضالة بهذا الصفح الكريم، وزالت من قلبه العداوة، وحلت محلَّها محبة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-.
 هذا الموقف يبين مدى سماحة رسول الله- صلى الله عليه وسلم –  وعفوه عن الآخرين، وأنه كان يقابل الإساءة بالإحسان
ـ
.
تأمل أخي القارئ هذا الموقف النبوي الكريم، كيف قابل النبي – صلى الله عليه وسلم – رغبة القتل والعدوان من فضالة، بالابتسامة الصادقة والمعاملة الكريمة والدعاء له بالهداية والمغفرة، واليد الحانية التي كانت بلسماً سكن به قلب فضالة، فشرح الله صدره للإيمان، وتحوَّل الموقف من العداوة إلى المحبة، كما في قوله تعالى:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(8).
ـ
اذهبـوا فأنتم الطلقاء
ذكرت كتب السيرة أن رسولنا  – صلى الله عليه وسلم –  عاد إلى مكة بعد ثماني سنوات فاتحاً بعد أن أُخرج منها، وسيطر الرعب على أهل مكة خوفاً من أن ينتقم منهم – صلى الله عليه وسلم نتيجة أفعالهم معه ومع أصحابه- رضي الله عنهم أجمعين -، فقال لهم النبي- صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم)، فما كان منه – صلى الله عليه وسلم – إلا أن قال لهم  قولته المشهورة: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
لقد أثر هذا الموقف العظيم وهذا التسامح الكبير في نفوس أهل مكة، حيث أقبلوا معلنين إيمانهم برسالة الإسلام، ودخلوا في هذا الدين الجديد الذي فيه السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.

لقد كان رسولنا– صلى الله عليه وسلم – حريصاً على نجاة قومه ودخولهم في الإسلام، فكان يدعو الله أن يشرح صدورهم ويهديهم إلى طريق الرشاد، حيث كان يدعو ربه قائلاً: اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله، لذلك يجب علينا إذا رأينا رجلاً مخطئاً، مقصراً، ألا نسبه وألا نلعنه، بل علينا أن ندعو الله له بالهداية وأن يشرح الله صدره، وألا نكون عوناً للشيطان عليه
ـ.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
ـ 
الهوامش:    
1- سورة القلم الآية(4).  
2- سورة يونس الآية (41).    
3- سورة الكافرون الآية (6).    
4- سورة البقرة الآية (256)ز         
5-  أخرجه البخاري.          
6-   أخرجه مسلم.     
7- سورة الزمر الآية (53-54).           
8-  سورة فصلت الآية (34).  

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى