مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
حوارات

لماذا يَـحْـكُمُـنا التَّـشريع الفـرنسي؟ بـقـلم الأديبة : عـفاف عـنـيـبة.


من أسابيع عدة جرى حوار بيني وبين إحدى القانونيات الجزائريات القديرات، وهي إحدى السيدات اللاتي تتميزن بوطنية عالية يندر أن نعثر عليها في أيامنا هذه، وقد قالت لي في معرض حديثها عن حقبة حساسة من تاريخنا، ألا وهي الأيام الأولى من استقلال بلدنا:
ـ
" في 1962 كانت تعاني الدولة الجزائرية من فراغ قانوني رهيب، فقرر الساسة الجزائريين آنذاك الاستعانة بالتشريع الفرنسي باستثناء ذلك الذي يمس بسيادة الدولة الجزائرية، فلم يعملوا به".
ـ
في رأيي الشخصي، لجوء الساسة الجزائريين إلى التشريع الفرنسي في 1962 كان في حد ذاته تنازلا عن سيادتنا على الأرض!
ـ
أن تحكم الشعب الجزائري المسلم بقوانين فرنسية وضعية يجعلنا نتساءل، من خوّل ساستنا أن يتخذوا مثل هذا القرار الخطير جدا؟
ـ
 ولنا أن نتساءل كيف نحارب عدوا صليبيا لـ 132 سنة، لننتهي إلى تبني تشريعاته المنافية لتشريعاتنا بعد الاستقلال؟! ألم يكن هناك علماء وفقهاء جزائريين في 1962 لتُسند لهم مهمة وضع التشريعات المستمدة من شريعتنا الإسلامية؟ فشريعتنا صالحة لكل زمان ومكان، وقد عملنا بها في القضاء أثناء ثورة التحرير، وفي حركات المقاومة التي قادها العديد من مقاومينا الأبطال من الأمير عبد القادر، إلى الشيخ بوعمامة، إلى الشيخ المقراني، والقائمة تطول؟
ـ
يتهيأ لي أن الانحراف الذي نعيش نتائجه الوخيمة والمهلكة في أيامنا هذه بدأ في 1962 عندما استولى بعض من وجوه الثورة على الحكم، والذين كانوا لا يحملون حبا لله ولشريعته الإسلامية، فهؤلاء حرّفوا نهج الثورة بعد الاستقلال وحكّموا قوانين المحتل الفرنسي.
ـ
عليناالإقرار بأمر مهم جدا بالنسبة لصيرورة دولة جزائرية وشعب جزائري، عدد كبير من الجزائريين ممن حملوا السلاح في ثورة 1954 لم يكونوا مخلصين لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، فهم حاربوا المستدمر ولم يجاهدوه، حاربوا المستدمر الفرنسي ليفتكوا الحكم منه، وليحكموا شعبهم الجزائري المسلم وفق أهوائهم الضالة التي تلبست بلباس الماركسية الملحدة والاشتراكية العلمانية، أما العناصر المخلصة لله ولدينه وشريعته في صفوف الثورة لم تتمكن من التغلب على التيار الغالب، فهمشها هذا الأخير أثناء الثورة وبعد الاستقلال، وقد رأينا ما كان مصير جمعية القيم ومعاهد التعليم الأصلي، وكيف قوبلت مبادرات من رجال مسلمين غيورين على دين الله من طرف ممثلي الدولة، ولأذكر منهم البيان التاريخي الذي أطلقه الرئيس فرحات عباس، والرئيس يوسف بن خدة رحمهم الله، والشيخ محمد خير الدين، والسيد حسين لحول، في مارس 1976.
ـ
لن يقدّر لهذه الدولة الازدهار ولا الديمومة ما لم تدرك السلطة السياسية فيها بضرورة تصحيح الانحراف الذي وقع في 1962، ولأصدق القول مع قُرائي الكرام، كثيرة هي وجوه السلطة التي غيبها الموت منذ 1962، لكن السلطة الفعلية في هذا البلد مازال يحتكرها رجال مصرون على نفي الإسلام الوسطي وشريعة الله السمحاء من حياة الشعب الجزائري، ومثل هذا الموقف المتصلب من هؤلاء النافذين الكارهين لدين الله يتطلب أن ندفعه بالتي هي أحسن، وأن لا نَـكِـلَّ أو نَـمَـلَّ مِـنْ ذلك إلى أن يأذن الله بانتصار دعوة الحق في أرضه.
ـ

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى