ظهور أول ترجمة عربية للباحث الإسلامي الصادق سلاّم/سعدي بزيان
من دفتر الثقافة الجزائرية في المهجر:
ظهور أول ترجمة عربية للباحث الإسلامي الصادق سلاّم
قراءة نقدية للترجمة
الصادق سلاّم، كاتب وباحث ومؤرخ للإسلام المعاصر، جزائري من مواليد مدينة دويرة، يقيم في المهجر منذ 30 سنة، له عدة كتب تتمحور كلها حول الإسلام والمسلمين في فرنسا، ورواد الفكر الإسلامي الذين تركوا بصماتهم في الفكر الإسلامي المعاصر، يعمل حاليا أستاذا في مادة الفكر الإسلامي المعاصر في “معهد الغزالي” التابع لمسجد باريس، وهو معتكف على بعث الحياة في نصوص كتبها أوغيستين بيرك والد المستشرق الفرنسي جان بيرك (1910-1995) المولود في فرندة (تيارت).
وكان آخر كتاب صدر له حول الإسلام في فرنسا، وفي البلدان التابعة لها، وهو بعنوان: « La France et ses musulmans : un siècle de la politique musulmane 1895-2005 »
“فرنسا ومسلميها: قرن من السياسة الإسلامية”، وقد صدر هذا الكتاب في منشورات “فايارد” « Fayard » في باريس، وفي منشورات القصبة بالجزائر، ويوزع الكتاب في مكتبة العالم الثالث.
الكتاب في ترجمة في الإمارات العربية، وهنا قراءة نقدية للترجمة:
لا أدّعي أنني أملك ناصية اللغة الفرنسية التي تملكها المترجمة الدكتورة زهيدة درويش جبور، أستاذة في الجامعة اللبنانية قسم اللغة الفرنسية وآدابها، إلا أن الدكتورة صاحبة الترجمة شأنها شأن باقي إخواننا المشارقة الذين ظلوا عبر القرون يتجاهلون ويجهلون ثقافة أهل المغرب العربي ورجالاتها، وحتى جغرافية هذه البلدان، وقليل ما هم من أولئك المشارقة الذين عاشوا أو اختاروا العيش بصورة نهائية في أقطار المغرب العربي، فهؤلاء لهم إلمام بالثقافة المغاربية ورجالاتها، أما أولئك الذين لا يعرفوننا إلا من خلال ما تصدره باريس من كتب لكتّاب مغاربة، خاصة بالنسبة لبيروت، واللبنانيون كما عهدناهم تجار همهم الكسب المادي، وهكذا تعاملوا مع ترجمة إنتاج كتاب المغرب العربي، فجاءت ترجمتهم قمّة في الرداءة إلا فيما ندر، يسودها غموض وأخطاء في أسماء الأشخاص، والمدن، وبعض الألقاب الإدارية.
وهو ما اتسمت به ترجمة الدكتورة زهيدة درويش جبّور أستاذة في الجامعة اللبنانية، في ترجمتها لكتاب الأستاذ الصادق سلاّم، وكان من المفروض كما اتفق معها الكاتب أن يراجعا الترجمة معا قبل أن تقدم للنشر، ولكن “دار كلمة” التي تولت النشر والترجمة أصدرت الكتاب بأخطائه، وقد احتج الكاتب لدى دار النشر، وربما أعيد طبع هذا الكتاب بعد مراجعته من طرف المؤلف الذي يتقن اللغة العربية، وكان المفروض في “هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث” –المجمع الثقافي- ألا تعمد على نشر أي ترجمة قبل مراجعتها، تفاديا لأخطاء فادحة تسيء لسمعة المترجمة، وبالدرجة الأولى للهيئة العلمية التي ترعى مشاريع من هذا النوع.
نماذج حية من هذه الأخطاء في عناوين الكتب وفي أسماء المدن والأشخاص:
الغريب أن المترجمة لبنانية وليست بعيدة عن دمشق، ومع ذلك لا تعرف عنوان كتاب الأمير عبد القادر “ذكرى العاقل وتنبيه الغافل”، والكتاب طبع ونشر في دمشق، وقد أوردته المترجمة هكذا: “ذكرى الفاضل وتنبيه الجاهل”، ونحن والله لا نعرف كتابا بهذا العنوان أصلا.
وتغوص المترجمة في أخطاء وفي أسماء الأشخاص والمدن، فمعسكر التي ولد فيها الأمير عبد القادر تحولت عند الترجمة إلى مسقرة، ولا نعرف مدينة من مدن الجزائر تحمل هذا الاسم “مسقرة”.
وأوردت المثل الجزائري القائل: “ناكل القوت ونستنى الموت”، أما في الترجمة فجاء هكذا: “نتغذى مما تيسّر ونعيش بانتظار الموت”، فلو كلفت المترجمة نفسها فسألت صحافيا أو إعلاميا جزائريا في الإمارات لما تردد في تصحيح هذا الخطأ. وإن “سوق أهراس” تحولت في الترجمة إلى “سوق أحراس”، والأمير عبد القادر ولد في “مسقرة” لا في معسكر، وعين ماضي إلى “عين مرهي”.
أخطاء تجاوزت الحدود، سوّدت الترجمة وحرّفت الكلام عن موضعه. والشيخ عبد الرحمن اليعلاوي وهو من أقطاب جمعية العلماء أصبح عبد الرحمن يلاوي. ومحمد خيضر أصبح محمد خضر. وشكيب أرسلان الذي يلقبه العرب بـ”أمير البيان” فهو عند المترجمة له معنى آخر، وجريدة “المبشر” التي أصدرها الاستعمار الفرنسي أصبحت تسمى عند المترجمة بـ”المباشر”. والمقيم العام بالجزائر “الحاكمية العامة”، وأخطاء لا حصر لها في الأشخاص والأماكن، والمهم في الموضوع أن التصحيح قد وقع وسوف تصدر في طبعة مصححة بمعرفة ومشاركة الكاتب.