مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الحدث

1 % فائدة ربوية… افتحوا نوافذ للمصرفية الإسلامية…أما تستحون من الله؟/الدكتور فارس مسدور

MESDOUR2تعلوا أصوات الجزائريين عاليا تكاد أحبالها الصوتية أن تنقطع دون أن يسمعها أي واحد من مسؤولينا في بنك الجزائر، وكأننا شعب مستعمر لا يريد جلاده أن يلبي مطالبه المشروعة، لا يريده أن يعيش دينه حتى ولو تعلق الأمر بالمعاملات المالية فقط.

العجيب أن كل مسؤول في بنك الجزائر يدرك تماما أن نظامنا المصرفي ربوي، وما يفعلونه بمواطنيهم يعتبر من كبير المحرمات والموبقات، وأن هذه الفوائد الربوية التي ينادون بها على أساس 1% أو حتى أقل منها هو ربا محرم في ديننا الذي نعتمده في دستورنا.

لكن الذي ألاحظه منذ سنوات أن المجموعة  المسيطرة على بنك الجزائر تتعامل بمنطق (التَغَنَّانْتْ) مع موضوع الفوائد الربوية في الجزائر، حيث أدخلوها حتى في منظومة دعم وتشغيل الشباب، وميكانيزمات التأمين ضد البطالة، والقرض المصغر، فحاولوا توريط شبابنا في الربا، وكل واحد منهم ممن أخذوا القروض الربوية يقول بالحرف الواحد: “والله ما اربحت منذ أن دخلت في القروض الربوية…” سبحان الله كيف يربح من أعلن الله الحرب عليه، كيف يربح من يرتكب كبيرة من الكبائر التي خربت الاقتصاد العالمي وأدخلته في الأزمات تلو الأزمات، ونأت نحن ونتبنى فكرة الواحد في المائة الذي أدخل العالم في أخطر أزمة اقتصادية لم يعرف التاريخ أشرس منها، لكننا لا نعتبر ولا نتعلم من التجارب الخاطئة لغيرنا.

إننا ننادي منذ سنوات أن نُخرج بنوكنا الكلاسيكية الفاشلة التي لم تتطور منذ خمسين سنة من التمويل الربوي إلى التمويل الإسلامي الخالي من الربا والمبني على المشاركة والمرابحة والمضاربة الشرعية، والسلم والتأجير، والاستصناع، والمغارسة والمزارعة والمساقاة، وغيرها من الصيغ التمويلية التي أبهرت العالم بأجمعه، بل جعلت بريطانيا التي لا تدين بدين الإسلام تريد أن تكون قطبا عالميا في المصرفية الإسلامية، بل أغرب ما قرأت وما سمعت أن التمويل الإسلامي وجد في أمريكا في بداية الثمانينات، لكنه بقي في نطاق ضيق في ولايات حيث توجد الجالية الإسلامية.

إن بنوكنا الكلاسيكية الربوية ما زالت تراوح مكانها، ولم تستفد حتى من التطورات الحاصلة في الدول التي تستورد منها قوانينها، وتورطت في فضائح وفساد مالي خطير، والقائمون عليها لم يفهموا بعد أن هذا الذي وصلنا إليه من الرداءة هو نتيجة الربا والحرام الذي دفعوا الشعب إليه دفعا، فعشَّش الجشع والغشّ والتزوير والنصب والاحتيال، وأكل أموال الشعب بالباطل.

ألم يفهم القائمون على بنكنا المركزي أن ما يحصل لنا من استنزاف لأموال الشعب بالاختلاسات التي فاقت قيمها أي قيمة عرفتها الجزائر منذ الاستقلال هو نتيجة الربا التي خربت اقتصادنا رغم كل الخير الذي فتح الله به على بلادنا، لكنهم قابلوا عطاء الله بالتمادي في الحرام، وحرماننا من أن نتعامل مع بنوكنا الوطنية بالحلال.

إننا ننادي بكل ما آتانا الله من قوة وإلحاح وحرص بضرورة التخلص من الربا (الفائدة) التي ضيعت كل جزائري أراد الحلال، ونناشد كل قائم على بنك الجزائر من العقلاء والحكماء أن يسمعوا لصوت شعبهم وهو يطالبهم بفتح الباب واسعا أمام المصرفية الإسلامية، وتمكين بنوكنا الكلاسيكية من فتح نوافذ لصيغ التمويل الإسلامي الخالية من أي شكل من أشكال الفائدة المحرمة في ديننا، عندها سيرون التغيير الذي سيحدث في النشاط الاقتصادي في بلادنا، وتلك النقلة النوعية التي ستحدث في مجال مكافحة البطالة من خلال المشاريع الكثيرة التي سيتضاعف عددها وسيعود ذلك بالنفع على ديناميكية الاقتصاد الجزائري الذي ضيعه الريع البترولي وتركه كسولا عاجزا عن الخروج من هذا النفق الخطير المهدد لكيان اقتصادنا.

ما أحوجنا أن تتخذ الحكومة قرارا شجاعا يفتح الباب أمام البنوك الإسلامية ليتوسع نشاطها في الجزائر، ولم لا تكون هنالك شراكات متعددة في مجال المصرفية تستثمر فيها الدولة فوائضها المالية بغية تطوير اقتصادنا في الداخل عوض إيداعها بالربا لدى أمريكا وبريطانيا واليابان.

إننا ننظر إلى التجارب العالمية خاصة التجربة الماليزية التي أبدعت في تطوير المصرفية الإسلامية إلى جنب مصرفية كلاسيكية ربوية، المميز أن ماليزيا أصدرت قوانين تحمي المصرفية الإسلامية، إلى درجة أن أصبحت ماليزيا قطبا عالميا في التمويل الإسلامي، وأصبحت تصدِّر تجربتها إلى كل أنحاء العالم، يضاف إلى ذلك تطويرها للتأمين الإسلامي من خلال مؤسسات التأمين التكافلي، إلى درجة أن غير المسلمين أصبحوا يفضلون التمويل الإسلامي والتأمين التكافلي على التمويل الربوي والتأمين الكلاسيكي.

الذي يزيدنا قهرا أن من العلماء الذين ساهموا ويسهمون في تطوير الفكر المصرفي الإسلامي في ماليزيا علماء جزائريون علمتهم الجزائر وأكملوا دراساتهم العليا هناك، وتبنّتهم ماليزيا وأعطتهم كل الامكانات التي جعلتهم يبدعون ويسهمون في ترقية هذا القطاع الهام الذي أهمله القائمون على بنكنا المركزي بل أن منهم من ساهم من منصبه في وقف أي مبادرة لاعتماد المصارف الإسلامية في بلادنا، بل لا يتحرجون في أن يمنعوا منعا باتا وقاطعا تسمية البنوك الإسلامية بالإسلامية، وكأن الأمر يتعلق بجريمة دولية يجب أن تحارب، وكأننا بلد لائيكي يرفض الصفة الدينية عن أي ممارسة اقتصادية.

لا أدري متى نتسفيق من هذا الضلال والاعوجاج الذي دمرنا ودمر حياتنا الاقتصادية، بل ساهم في تحطيم خيرة أبناء بلدنا من الشباب الذين رفضوا التمويل الربوي، وفضلوا البطالة على أن يسترزقوا بالحرام.

اللهم اشهد أننا بلغنا كل مسئول في بلادنا بأن الشعب الجزائري سئم التعامل بالربا، ويريد التعامل بالحلال من خلال التمويلات الإسلامية التي يشهد لها الكفار أنها أرقى ما وصل إليه العقل البشري في مجال المالية.

فيا من ولاه الله أمرنا، إننا نرفع لك مطلب شعبك أن تفتح الباب واسعا للمعاملات المصرفية الإسلامية بإشراف الدولة الجزائرية عن طريق إنشاء بنوك جديدة بالشراكة مع الدول التي طورت هذا القطاع، أو ببنوك إسلامية مملوكة بالكامل للدولة، أو حتى بنوافذ إسلامية لدى بنوكنا الكلاسيكية شريطة احترام قاعدة الفصل بين الميزانيات وتوفير الإشراف الشرعي على كافة أنشطتها، فهل ستستجيبون لنداءات شعبكم يا مسئولينا؟؟؟

الدكتور فارس مسدور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى