العطلة الربيعية على الأبواب..فهلا أحسنا توظيفها..؟/أم محمد الأخضر
إن التخطيط الممَنهج الجاد للعائلة ككل له إيجابياته، فما بالكم بالتخطيط للعُطل المدرسية سواء أكانت الشتوية أو الربيعية أو الصيفية، التي تمنح للتلاميذ..فذلك ضروري حتى نغرس في أبنائنا وبناتنا مبدأ حسن استغلال الوقت، ونعودهم على توظيفه التوظيف الأمثل، حتى لا تذهب حياتهم هدرا..
ففي كثير من الأحيان يقوم بعض الوالدين بشكل شعوري أو لا شعوري، بمنح أبنائهم الحرية المطلقة بدون ضابط ولا توجيه، لأن مفهومهم للعطلة مفهوم خاطئ كل الخطأ، إذ هي تعني لهم تحرر التلميذ من تلك الدروس المرهِقَة والمذاكرة والامتحانات والقيام باكرا..في حين أن العطلة تعني استبدال نشاطات مفروضة، بنشاطات مرغوبة، أي أن تكون فرصة لممارسة الهوايات المفضلة، كالمطالعة، والرياضة والسياحة، أو العمل الاجتماعي التطوعي، ولا تعني بتاتا التوقف عن أي نشاط، لأن الذي يتوقف عن النشاط إنما هو الكائن الميت، أما الكائن الحي فلابد له من القيام بنشاط ما، ومن هنا ينبغي للأبوين تصحيح مفهومهما للعطلة التي تعني عند البعض العَطَل، والذي يعني بدوره الخلل الذي يمنع الآلة من آداء وظيفتها بشكل سليم..
ثم إن الأبوين حينما يطلقان العنان لأولادهما بهذه المناسبة، يتسببان في خطأ لا يمكن تدارك آثاره ومعالجة نتائجه الضارة، لأن الصفات التي سيكتسبها الطفل في هذه العطلة تصبح ملازمة له – ولو لمدة – وقد تصبح عادة راسخة، وممكن أن تصبح جزءا من شخصية الطفل، ويتعب الأبوان في العودة به إلى ما كان عليه، خصوصا إن كان في سن المراهقة..كالنزوع إلى الكسل، وحب النوم، أو مشاهدة المسلسلات، أو السهر مع الأصدقاء إلى ساعة متأخرة من الليل..
ويحدث ذلك غالبا نتيجة عدم التخطيط لهذه العطلة بما يكفل للطفل الاستمتاع بها، والانتفاع منها..إذ ينبغي على الآباء وضع نصب أعينهم توظيف الفراغ الذي تتيحه العطلة، بما يعود على أبنائهم بالنفع، وذلك بإشغالهم بالأنشطة المتنوعة، كالذهاب إلى حدائق الحيوانات..وحدائق الألعاب التي تتناسب مع سنهم..والخروج إلى الغابات..أو الذهاب مع مجموعة من الأصدقاء وبمرافقة الأولياء..أو الذهاب إلى نزهة مع مجموعة الكشافة..إلى غير ذلك من الأنشطة التي يجد فيها الطفل متعته، ويكتشف نفسه، ويتعرف على محيطه ويوسع من آفاقه..
ومن مضمون هذا التخطيط، الإبقاء على العادات الصالحة التي سبق لنا أن اكتسبناها في وقت الدراسة، فمثلا الاستيقاظ باكرا، وجعل وقت لمراجعة الدروس، كل هذا له الأثر الطيب إن أحسن الأبوان توجيه أبنائهم، كذلك بالنسبة إلى زيارة بعض المكتبات للقراءة، أو لبحث علمي أو أدبي يعود عليهم بالنفع، ولا ننسى كذلك وقتا مخصصا للعب، لأنه مهم جدا، لأن بعد هذه الفترة من الترفيه يعود الطفل إلى واجباته وهو كله نشاط وحزم..
ولا يغيبن عنك أيتها الأمو يا أيها الأب أن السماح لأبنائك بقراءة المجلات الهابطة، إنما يحمل ولدك على تعلم الفساد، وكذلك من يسمح لأبنائه برؤية المسلسلات الفاسدة، إنما يبذر في نفوسهم الفسق والزيغ والضلال، والأم والأب اللذان لا يهتمان بمعرفة أصدقاء أبنائهم ومن يصاحبون، سيجنون ثمار ذلك حنظلا، والأدهى من ذلك أن يمارس الأهل هذه المحرمات أمام أبنائهم، حيث ينظر الأبناء إلى الآباء دوما كبطلين جديرين بالتقليد..فلنتق الله في أبنائنا فنحن لهم رعاة وكل راع مسؤول عن رعيته كما جاء في الحديث.