مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الملتقيات والندواتنشاطات الجمعية

بمناسبة اليوم الوطني للغة العربية: تكريم الدكتور ابن نعمان /أ.عبد الحميد عبدوس

BENNOAMANاحتضنت قاعة ابن بعطوش بجامعة الجزائر المركزية، مساء يوم الأربعاء الماضي 16 ربيع الثاني 1434هـ الموافق 27 فيفري 2013، نشاطا ثقافيا متميزا تمثل في تكريم المفكر والمجاهد الدكتور أحمد بن نعمان.

حضر فعاليات هذا الحفل التكريمي الذي نظمته جمعية الكلمة للإعلام والثقافة، مجموعة من العلماء والوزراء والمثقفين، وعدد من طلبة وأساتذة الجامعة،وذلك بمناسبة إحياء اليوم الوطني للغة العربية الذي يصادف الفاتح من شهر مارس من كل سنة.

تولى رئيس جمعية الكلمة الترحيب بالسادة والسيدات الحضور، مرجعا سبب اختيار الجمعية لشخص الدكتور الباحث أحمد بن نعمان ليكون محل تكريم إلى جهاده الوطني من أجل استقلال الجزائر في حرب التحرير الوطني، ثم جهاده الفكري والثقافي للدفاع عن هوية الشعب الجزائري،بعد الاستقلال.

تتابعت على منصة الحفل كوكبة من رجال الفكر والقلم لتقديم شهادات حية عن خصال ونضال ومكانة الدكتور أحمد بن نعمان، الذي ارتبط اسمه بمجموعة من القضايا والمبادئ الوطنية والعربية والإسلامية، وفي مقدمتها الدفاع عن اللغة العربية والعقيدة الإسلامية.

كان معالي الدكتور سعيد شيبان وزير الشؤون الدينية الأسبق أول المتدخلين، وقد اعتبر هذا اللقاء فرصة للتعبير عن ما يكنه المدافعون عن الأصالة والحرية من مودة وتقدير للدكتور أحمد بن نعمان، ولمواقفه الجريئة، وكتاباته الغنية.

ثم أعقبه الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي أشاد بميزة العصامية في شخصية الدكتور أحمد بن نعمان وجهاده العلمي، فهو كما قال الدكتور قسوم، “علم من أعلام الكلمة والثقافة والإعلام، شخصية متعددة الجوانب من ناحية العظمة، يعتبر امتدادا حيا لعلماء زواوة الذين كانوا يدافعون عن العربية والإسلام، وقدموا الصورة المشرفة للإسلام، ليس للجزائر فقط، ولكن للعالم أجمع”. ولفت الدكتور قسوم الانتباه إلى ميزة أخرى بارزة في شخصية الدكتور أحمد بن نعمان، وهي جانب الظرف ولطف العشرة وروح الفكاهة اللماحة الذكية المتعالية عن البذاءة والإسفاف.

وبعد ذلك أحيلت الكلمة إلى معالي الأستاذ الأمين بشيشي وزير الاتصال الأسبق، الذي أشاد بدوره بخصال الدكتور أحمد بن نعمان، وقال عنه: “إن ابن نعمان مثقف ظريف وإنسان لطيف، ولكنه يكشر عن أنيابه ويخرج مخالبه إذا مست المبادئ التي يؤمن بها، أو إذا تم الاعتداء والإساءة إلى اللغة العربية والقيم الإسلامية التي كرس جهوده للدفاع عنها”.

أما الشيخ الدكتور محمد قاهر رئيس لجنة الفتوى في المجلس الإسلامي الأعلى فخصص مداخلته لتقديم شهادة حميمة عن رفقته للدكتور أحمد بن نعمان في رحلة إلى البقاع المقدسة لأداء شعيرة الحج، في بداية ثمانينيات القرن العشرين، وكذلك للحديث عن المواقف الجريئة التي كان الدكتور أحمد بن نعمان يتخذها خلال عمله في مؤسسات الدولة، ومنها ذلك الموقف الشجاع الذي تمثل في رفض إصدار بيان إدانة باسم المجلس الإسلامي الأعلى للداعية الإسلامي الكبير الشيخ عبد اللطيف سلطاني، الذي ألقت السلطات الجزائرية القبض عليه في أواسط الثمانينيات، وسجنته بسبب خطبه وكتاباته المعارضة للنظام الحاكم آنذاك.

ركز الدكتور عثمان سعدي رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية، شهادته على الجانب النضالي في شخصية الدكتور أحمد بن نعمان، الذي لم يتردد في التنازل عن الامتيازات الوظيفية، وتقديم الاستقالة من مناصب المسؤولية كلما تعارضت التوجيهات الوظيفية والسياسات الرسمية مع قناعاته الفكرية ومبادئه الوطنية.

وأشار الدكتور عثمان سعدي إلى أن دفاع الدكتور أحمد بن نعمان عن اللغة العربية ليس ناتجا من موقف عرقي، أو تعصب طائفي، فالدكتور ابن نعمان من أصول قبائلية معروفة، ولكنه من أكبر المعارضين للنزعة البربرية الموجهة من قبل المستدمر الفرنسي بواسطة الأكاديمية البربرية التي أنشأها الرئيس الفرنسي الراحل، الجنرال شارل ديغول للانتقام من شهداء ومجاهدي الثورة الجزائرية التي انتزعت الجزائر من بين مخالب الوحش الفرنسي.

وقال الدكتور عثمان سعدي، كان الدكتور أحمد بن نعمان القبائلي الأمازيغي، وأنا الشاوي الأمازيغي على رأس من تصدوا إلى لحركة البربرية التي كانت مجرد لافتة ثقافية لتنفيذ سياسة استعمارية تفكيكية للوحدة الوطنية الجزائرية.

أما الشيخ الأستاذ مأمون القاسمي، شيخ زاوية الهامل وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، فقد أشاد بمواقف الدكتور أحمد بن نعمان، وذكر في معرض حديثه أنه أنجز رفقة الدكتور بن نعمان بحثا علميا للرد على أطروحات محركي وزعماء الربيع البربري في أفريل 1980.

وكان من بين المتدخلين الأستاذ الباحث والإعلامي الرائد الطاهر بن عيشة، وقد تأسف الحاضرون عن عدم توفير جهاز مكبر الصوت لإيصال كلمة الأستاذ الطاهر بن عيشة إلى جمهور الحاضرين ، التي ألقاها بصوت خافت لم تصل بوضوح، خصوصا أن كلمة الأستاذ الطاهر بن عيشة كانت مرتجلة، ولم نتمكن من تسجيلها وتلخيص محتواها.

ثم أحيلت الكلمة بعد ذلك إلى الأستاذ المحامي عبد الله عثامنية، عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي تحدث عن خلق الوفاء في شخصية الدكتور أحمد بن نعمان، الوفاء لمبادئه وأصدقائه ولعهد الشهداء، وتأسف الأستاذ عبد الله عثامنية على الوضع الذي آلت إليه اللغة العربية في الجزائر، وتساءل عن مصير قاموس الأسماء والمدن الذي أعاد الأمور إلى نصابها العربي الأصيل، وصحح طرق كتاباتها ونطقها، وكان قد أنجز لصالح وزارة الداخلية التي كان الدكتور أحمد بن نعمان مستشارا لوزير الداخلية فيها في عهد الوزير المجاهد الدكتور بوعلام بن حمودة، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني.

ومن جهة تحدث الإعلامي والنائب السابق الأستاذ محمد بوعزارة عن تجربته الإعلامية في الإذاعة الوطنية التي جمعته بالدكتور أحمد بن نعمان، حيث كان هذا الأخير يعد في بداية السبعينيات حصة إذاعية يقدمها محمد بوعزارة، وأكد أن دفاع الدكتور أحمد بن نعمان عن اللغة العربية إنما كان التزاما بأحد أهم مبادئ الحركة الوطنية والثورة التحريرية.

ثم أحيلت الكلمة إلى معالي وزير الشباب والرياضة السابق وعضو مجلس الأمة حاليا ضمن الثلث الرئاسي، السيد الهاشمي جيار الذي أثنى على إرادة وعزيمة الدكتور أحمد بن نعمان في التغلب على الظروف الصعبة التي مر بها جيله الثوري، وحقق رغم ذلك، كل تلك الإنجازات الثقافية، ثم دعا الشباب الحاضر من الطلبة والطالبات إلى أن يتخذوا من الشخصيات النابغة في الثقافة الجزائرية قدوة لهم وحافزا للتغلب على العقبات، مطالبا بعدم الانغلاق على الذات في زمن العولمة وتواصل الحضارات.

أما كاتب هذه السطور،( عبد الحميد عبدوس ) فقد تدخل بكلمة موجزة استعرض فيها علاقته بالمكرّم الدكتور أحمد بن نعمان، والتي يتعود إلى ما يزيد عن ثلاثين سنة عندما كان كاتب هذه السطور صحفيا بجريدة “الشعب” الوطنية، ومهتما بالشؤون الثقافية، وكان الدكتور أحمد بن نعمان مثقفا متميزا يدق جرس الإنذار من خطر ضياع الهوية الوطنية، التي تعتبر جوهر وحصن الاستقلال الوطني، وهذه العلاقة الفكرية والثقافية هي السبب في إقدام كاتب هذه السطور على الاهتمام بالإنتاج الغزير والمفيد للدكتور أحمد بن نعمان، وكانت آخر ثمرة لهذا الاهتمام والمتابعة الثقافية هي تأليف كتاب بعنوان “شرح مقولات الدكتور أحمد بن نعمان في الكون والدين والسياسة والإنسان”، وهو شرح لآخر كتب الدكتور أحمد بن نعمان بعنوان: “للكبار فقط: مقالات في مقولات”، والكتابان سيتم توزيعهما قريبا،وسيتم التطرق إلى محتوى وأسلوب ومميزات هذين الكتابين عند نزولهما إلى المكتبات في القريب العاجل،إن شاء الله.

وفي الأخير قدمت هدايا رمزية للمفكر والباحث الدكتور أحمد بن نعمان  تمثلت في طاقم من اللباس الجزائري الأصيل هو عبارة عن “برنوس” و”قندورة” من صنع أهالي ولاية الجلفة الكريمة.

وللإشارة فقد كان من بين الحاضرين سعادة السفير مصطفى بوتورة، والأستاذ حسن بهلول المكلف بالإعلام في المجلس الأعلى للغة العربية، والدكتور محفوظ سماتي الأستاذ بجامعة الجزائر وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، والأستاذ عبد الوهاب حمودة عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ الشاعر رشيد وزاني عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأديب الأستاذ محمد الصالح حرز الله عضو مجلس الأمة السابق، والدكتور عبد القادر خياطي مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، والكاتب الإعلامي الأستاذ سعدي بزيان، والدكتور نور الدين السد نائب رئيس البرلمان العربي، والأستاذ الإعلامي المخضرم حسن السعيد الأستاذ بالمدرسة العليا للصحافة، والمهندس عبد الحميد بوشمال نجل الشيخ أحمد بوشمال رفيق الإمام الشيخ عبد الحميد ابن باديس -رحمهما الله-، والأستاذ بن عطا الله من الجلفة الذي ألقى كلمة في شكل مقامة أدبية في موضوع اللغة العربية ونجلي الدكتور أحمد بن نعمان الأستاذين حسان بن نعمان، وسفيان بن نعمان، إضافة إلى أعضاء جمعية الكلمة، وعدد من أساتذة الجامعة وأصدقاء الدكتور أحمد بن نعمان، وفي الأخير أعطيت الكلمة للدكتور أحمد بن نعمان للحديث عن تجربته الثقافية وإنتاجه الفكري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى