القضية الفلسطينية:أخيراً.. أمريكا تعتمد الحوار/ الأستاذ.محمد الحسن أكيلال
آخر ما جاءت به الأخبار عبر مختلف وسائل الإعلام والقنوات الفضائية – خاصة- حديث لوزير الدفاع الأمريكي، يعلن فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية، ستعتمد في حل النزاع مع إيران أسلوب الحوار كوسيلة مثلى لإقناعها بأن تتخلى عن طموحها النووي.
للبعض أن يقرأ الخبر قراءة عادية ويضعها في سياق المنطق البعيد عن أية تساؤلات قد تؤدي به إلى متاهات التفكير الباحثة عن أسباب والعوامل الكثيرة والمختلفة التي جعلت من أكبر الأمبراطوريات المحاربة في تاريخ البشرية تتخلى عن السلاح الكثير الذي تمتلكه لصالح الحوار، بعد أيام فقط من التكرار الممل للتهديد والوعيد بإمكانية استعمال القوة، ولو بواسطة إسرائيل لتدمير المنشآت النووية الإيرانية.
لهؤلاء، أو لهذا البعض أن يفكر هكذا بالاعتماد على المعطيات التي وفرتها مجموعة المتغيرات المتسارعة التي حدثت في الداخل الأمريكي، وفي المحيط الدولي، وأهمها: الاقتصادية التي أثرت مباشرة في الخزينة الأمريكية، لكن الذي لا يجب أن يغيب عن هذا التفكير حقائق أخرى لابد من الانتباه إليها، وهي:
– تجارب الحروب العديدة التي خاضتها الولايات المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضية ونتائجها التي لا شك أنها كانت وراء التدمير المتواصل للقوة الاقتصادية الأمريكية.
– العدو الحالي للولايات المتحدة الأمريكية المتمثل في الصين الشعبية ليس هو العدو السابق المتمثل في الاتحاد السوفياتي.
– القوى المزروعة في العالم للاختراق لم تعد تدخلاتها مفيدة بقدر ما هي أغلبها مضر بالمصالح الحيوية الأمريكية.
– الأنظمة الحاكمة للشعوب المعادية لإسرائيل والصهيونية لم تعد قادرة على التحكم في زمام الأمور لافتضاح ممارساتها المتسمة بالفساد والاستبداد، واكتشاف عمالتها للولايات المتحدة، ما ساعد على اندلاع الثورات الشعبية.
دور إسرائيل:
يصعب تصديق الولايات المتحدة في اعتمادها الحوار لحل النزاعات طالما بقيت إسرائيل في موقع المهاجم بالنيابة عنها وبأسلحتها التي تستعملها بكل حرية، وقد سبق وأن قامت بعدة هجومات جوية على العراق، ثم على سوريا وعلى السودان، وهي تعد العدة لمهاجمة إيران ما لم تقم أمريكا بذلك، فالنوايا الحقيقية باعتماد هذا الحوار لن تتضح ما لم تفرض على دولة الكيان الصهيوني مجموعة من الإجراءات والضوابط التي تكبح جماحها، ولعل أهمها:
– الاعتراف بالدولة الفلسطينية المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية طبقا للقرارات الأممية والشرعية الدولية.
– رفع اليد عن الأنظمة الحاكمة في المنطقة، وخاصة تلك التي ثبت فسادها وسوء تسيير ثرواتها الطبيعية وأموالها العمومية.
– سحب جيوش العملاء والجواسيس المزروعين في أوساط شعوب منطقة الشرق الأوسط والأدنى.
إن إسرائيل القوية بالدعم الأمريكي اللوجيستي والأمني والسياسي والاقتصادي، أصبحت تشعر وكأنها القوة الحاكمة للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا واضح في تأثير اللوبي الصهيوني في كل مفاصل ودواليب الدولة الأمريكية، وإيقاف هذا التأثير لا يبدو في المستقبل القريب، والعهدة الانتخابية للرئيس الحالي، وللحزب الديمقراطي لا تتعدى السنوات الأربعة القادمة.
فهل تكفي هذه العهدة لهذا كله؟.
ما يستشف من قول وزير الدفاع الأمريكي لا يعد أن يكون إيحاءً تمويهيا لإستراتيجية جديدة للبقاء في موقع الانفراد بحكم العالم، فالأباطرة لا يتنازلون عن العروش بهذه السهولة، والدولة التي تحكمها الكنيسة الإنجيلية النصرانية التي وصل تعداد أتباعها أكثر من 70 مليون نسمة، وتتوفر على نخبة في مستوى وحجم وقوة المحافظين الجدد لا ولن تقبل أن تضع السلاح الذي يعتبر من أهم عوامل قوة الاقتصاد الأمريكي بحكم مصدره – كارتل صناعة الأسلحة من جهة، ودور هذا الكارتل في صناعة القرار والسياسة الأمريكية من جهة أخرى.
اللوبي الصهيوني الحامي الحقيقي لدولة إسرائيل هو أحد أكبر المالكين لأكبر الأسهم في شركات صناعة الأسلحة الأمريكية، نفس الشيء بالنسبة لكارتل الإعلام والمالية العامل الأساسي الوحيد الذي يمكن أن يساعد على تقليص نفوذ هذا اللوبي ودور إسرائيل هو الأغلبية من الشعب الأمريكي الذي يعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية، وهو لا شك سيصعد الضغط على الإدارة لقص مخالب هذا اللوبي.