الدكتور سليـــم قلالـــة في ضيافــــة الــمنتــــدى الأول لجريـــــدة البصائــــر
استضاف منتدى البصائر الذي انطلق يوم الاثنين الماضي4 فيفري2013 ، بمقر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بحسين داي، استضاف منتدى البصائر الذي الأستاذ الدكتور سليم قلالة. وقد حضر انطلاق هذا المنتدى رئيس الجمعية الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، وأمينها العام الدكتور عبد المجيد بيرم، والأستاذ التهامي مجوري أمين المال ورئيس لجنة الدعوة والإعلام بالجمعية.
كما حضرها جمع من الضيوف من محبي الجمعية وبعض الصحفيين من مؤسسات إعلامية عمومية وخاصة، وكان موضوع المنتدى «واقع العالم العربي والإسلامي وموقف المثقفين منه». بدأ الدكتور سليم قلالة في منتدى البصائر كلامه بالتأكيد على صعوبة الوصول إلى رأي قطعي واحد في الموضوع، واعتبر مداخلته وما يطرح من آراء، ليس إلا رأيا ووجهة نظر، لرجل متخصص في العلاقات الدولية والمستقبليات، وانتهى إلى أن العالم الإسلامي ضعيف، وخصمه العنيد –الغرب- قوي، والنخب في العالم العربي والإسلامي نخب ضعيفة، لم ترتق بعد إلى مستوى الصراع، ومن ثم فإن مسؤولية هذه النخب كبيرة؛ باعتبار أن النخب الفكرية والسياسية في المجتمعات هي الأساس في كل تغيير يراد لمجتمع من المجتمعات. انطلق د. قلالة في تحليله لأوضاع العالم العربي والإسلامي من الجذور الأساسية لصراع العالم العربي والإسلامي مع الغربي، والتي تمتد جذورها إلى عمق التاريخ، ولكنه اكتفى بالوقوف عند سبتمبر التي يرى الدكتور قلالة أنها 11أحداث كانت الانطلاقة في وضع الاستراتيجية الغربية عموما والأمريكية خصوصا في الإبقاء على الهيمنة الغربية على المنطقة، وتصورات هذه الانطلاقة الأساسية، أن هذا العالم الإسلامي له وحدة تصورية منطلقة من دينه، يؤمن بها أعلم علمائهم وأقل الناس علما فيهم، يستوون كلهم في مستوى معين من المعتقدات غير قابلة للزحزحة والتغيير.. وقد نشرت دراسات في
ذلك، كطروحات فوكوياما وهنغتنغتون، فعمد الغرب إلى وضع استراتيجية للتغلب على هذا الواقع الموحد والمتناغم والمنسجم بعضه مع بعض، الذي لا يسمح للغرب بالتقدم ومواصلة الهيمنة، إذا ما بقيت هذه القيم المتوارثة سائدة في العالم الإسلامي وتحكم أطرافه.. وفي هذا الإطار الاستراتيجي كانت خطة الغرب الكونية هي تحطيم تلك الوحدة التصورية للعالم الإسلامي، وجعل المسلمين يكرهون إسلامهم، وتفتيت فئاتهم إلى أجزاء موزعة هنا وهناك، بتشغيل آلة الطائفية حينا وإحياء الخلافات المذهبية حينا آخر وفي إذكاء الخلافات الحزبية والصراعات السياسية وهكذا…، وبتحجيم الحراك الاجتماعي والسياسي وتوجيهه، ومن ثم –حسب رأي الدكتور قلالة، فإن ما يقع في العالم العربي والإسلامي لا يمكن الحكم عليه برأي واضح ويقيني؛ لأن مجرد الحراك السياسي أو الاجتماعي، لا يعني بالضرورة أنه إيجابي أو سلبي، وإنما للحكم عليه بذلك لابد من الإجابة عن جملة من الأسئلة. من وراء الأحداث؟ ما الغاية منها؟ هل هي ثورات أم هي مجرد مطالب اجتماعية؟ وهل هي حركات تغيير ناضجة، أم هي حركات تغيير موجهة؟ أم هي كل ذلك؟ وما وراء ذلك هل هو مشروع ناضج أم هي مجرد أحداث؟ يقول قلالة في تعليقه على هذه الأحداث التي شهدتها الساحة العربية والإسلامية، لقد كانت النهضة العربية والإسلامية في بداية القرن العشرين ناضجة وواضحة، أما اليوم فليست بنفس المستوى من النضج، ولذلك لا نستغرب
ما يقع اليوم في مصر وسوريا وليبيا وبدرجة أقل في تونس؛ لأن الأمور غير واضحة المعالم، والنخبة كانت متخلفة عن الحراك الشعبي.. وهذا لا يعني أن الغرب هو الذي يصنع بالضرورة، وإنما بحكم قوة الغرب وغفلة النخب وتأخرها عن الركب، يسمح للغرب بأن بكون أكثر استفادة من الشعوب. إن الغرب لم يخف قناعته بضرورة مواجهة العرب والمسلمين؛ بل إنه يستعمل كل الوسائل الرمزية وغير الرمزية، مثلما وقع في مالي حيث اقتربت امرأة من الرئيس الفرنسي ونزعت الخمار وقالت إنها تحررت، وهذا المشهد يوجد له مثيل أيام الثورة الجزائرية في سنة ، حيث جيء بنساء جزائريات ونزعن الحائك 1958 أمام السفاح الفرنسي الجنرال ماسو. وفيما يتعلق بالواقع في الجزائر، يرى سليم قلالة ضيف منتدى البصائر، أن الجزائر بمنأى –ظرفيا- عما يقع في البلاد العربية والإسلامية من حراك وصراع يشهده العالم العربي والإسلامي اليوم، من ناحية لكونها مرت بأزمة مماثلة أو أعمق، ومن ناحية أخرى أن النخب وعلى رأسها النخب الإسلامية انكمشت وتقوقعت، وفي أحسن الأحوال وصلت إلى قناعات متقاربة في أن الجزائر تحتاج إلى جهود جميع أبنائها مهما تباعدوا في المشارب الفكرية والثقافية والسياسية، ولكن في نفس الوقت لا يستبعد تأثر الجزائر بما يقع في مالي، لاسيما أن التدخل الفرنسي في المنطقة له استراتيجيته القديمة وهي قضية الصحراء الجزائرية، وهو ما قد يواجه البلاد مستقبلا. وفي الأخير يرى الدكتور سليم قلالة أن العالم
الإسلامي اليوم لا يحق له أن يخطئ، وعليه أن يستوعب جيدا آليات المعركة، وإلا فإنه سيبقى يستنسخ التجارب الفاشلة، فالغرب الذي يعمل على تحجيم حركتنا وإفشال مساعينا، قد سخر جميع قواه الفكرية والثقافية والأمنية لتحقيق ما يريد خارج أرضه، فالولايات جهازا أمنيا، 17المتحدة الأمريكية مثلا، تملك لا تمثل إلا واحدا من هذه الأجهزة، وكل ciaوالـ فرد، ناهيك عن 1400 إلى 1000جهاز قوامه مراكز البحث والدراسات والاستشراف التي تعد بالآلاف. وعلى المثقف في العالم العربي والإسلامي أن يشعر بهذا؛ لأن مكانه هو القيادة وليس المؤخرة، وعليه أن يتحمل مسؤوليته في توجيه الحدث، ولا ينتظر من يسمح له أو يمهد له الطريق، ورغم الصعوبات التي يعاني منها المثقف في بلادنا وفي غيرها من بلاد العرب والمسلمين، فإن ذلك لا يسقط مسؤوليته عما يعاني منه من تخلف، سواء فيما هو عليه، أو فيما اعتراه من استعداد لامتصاص المخططات الغربية وسريانها فيه.