
وأنا كمتابع للفكر العربي والإسلامي أتعجب حقيقة من هذه القراءات المؤدلجة التي لا تراعي منطق البحث والموضوعية، وإنما تنطلق من رؤية وتصور للكون والحياة متناقضة مع المنطق الديني، وإلا كيف يفهم أركون، أو العروي، أو غيرهما قول الله تعالي:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }(المائدة:48)، أو قوله تعالى: {إنَّ الله يأمُركُم أنْ تؤدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها وإذا حَكمتُم بين النَّاسِ أن تحْكُمُوا بالعَدْلِ} (النساء:58)، أو قوله تعالى: {يا أيُّهَا الذِين آمَنُوا أطيعُوا الله وأطيعُوا الرَّسُول وأُولى الأمْر مِنْكُم فإنْ تنازعتُم في شيء فردُّوه إلى الله والرَّسُول إنْ كُنْتُم تُؤْمِنُون بالله واليوْمِ الآخِر}(النساء:59).وقوله تعالى: {إنَّا أنْزَلْنَا إليْكَ الكِتَابَ بالحقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله}(النساء:105). ولو أردنا أن نحصي الآيات الدالة دلالة واضحة على الفعل السياسي الذي يشغل حيزا كبيرا في مجمل مقاصد الوحي، لأتينا على منظومة متكاملة، رسمت أهم معالم الممارسة السياسية، وجسدت نظرية الحكم والسياسة ، هذا طبعا إلى جانب نصوص السنة التي هي تالية للقرآن وشارحة لمقاصده ومراميه.