مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

الجزائر والمستقبل الغامض..!/أ.كمال أبوسنة

ABOSSENA11رغم الارتفاع المذهل في أسعار البترول، وزيادة أرباح الجزائر وامتلاء مخزونها بالعملة الصعبة -ولله الحمد- إلا أن الوضع الاجتماعي لم يكن في مستوى هذا الانتعاش المالي بحيث أصبح أغلب المواطنين الجزائريين يعيشون حياة اجتماعية صعبة جدا بسبب سوء التسيير وغياب العدالة في توزيع الثروات.!

إن المسؤول الجزائري غائب تماما عن الواقع الحقيقي الذي يحياه المواطن الجزائري المثقل بالمشاكل والأزمات التي لم يجد لها حلا ملموسا، بل ازدادت تفاقما مع مرور السنين، ووجد نفسه يتخبط في دائرة سوداء مغلقة لا مخرج لها..!

أزمة سكن خانقة وتوزيع مبني على المحسوبية “البسطو” والرشوة…وبطالة مقنعة وغير مقنعة…وخدمات عمومية منهارة…ومسؤولون يُخْدَمُون ولا يَخْدمُون، همهم بطونهم، والبطنة تُذهب الفطنة…وأموال بالملايين والمليارات إما أنها تُبذر على أشياء تافهة، أو إما أنها تُنهب باسم القانون أو بالخروج عن القانون…ومنظومة اجتماعية أخلاقية مفككة تسربت إليها سلوكيات دخيلة فأصبحت في حكم العادي كالعري والزنا والفحش وشرب الخمور وبيعها كما يباع” القازوز” باسم القانون، وانتشار المخدرات والمتاجرة فيها جهارا نهارا، و، و، و..!

في الواقع مسؤولية تردي الوضع الاجتماعي بشكل عام يتحمله ثلاثة أصناف في بلادنا:

– الحكام الذين يعيشون في بروج مشيدة ولا يحسون بمعاناة المواطنين، ورغم أن العالم كله تغير إلا أنهم يرفضون أن يتغيروا ولا يعرفون من الدواء إلا ” الكي”، وقد قال الفيلسوف الألماني نيتشه يوما:” من ينظر إلى الناس كأنهم قطيع ثم يهرب منهم حالما يستطيع، فإنهم سيدركونه بالتأكيد ويضربونه بقرونهم…”.!

– المعارضة السياسية التي كان من المفروض أن تكون عين الشعب التي يبصر بها، وأذنه التي يسمع بها، ويده التي يبطش بها، ولكن للأسف هذه المعارضة تعيش لنفسها فقط، إذ تحولت إلى شركات ربحية توفر للعاملين فيها المناصب العليا والربح السريع ليس إلا..!

– المواطن الجزائري المغلوب على أمره الذي لا يحسن المعارضة والدفاع عن حقوقه بالأسلوب المجدي الذي يحقق مطالبه بعيدا عن “العنتريات” التي تهدد السفينة بما عليها، فإحراق حافلة نقل عمومي يركبها المواطن البسيط مثلا لن تحل المشكلة، فإشعال شمعة خير من لعن الظلام على رأي الحكيم الصيني “كونفيشيوس”، والتغيير البناء المتواصل أفضل وأضمن من التغيير الهدام الذي يهلك الحرث والنسل، وكما قال صموئيل جونسون:” الأعمال العظيمة لا تؤتى بالقوة بل بالمثابرة ..”.!

تملك الجزائر من الطاقات والقدرات ما يؤهلها إلى أن تكون مضرب المثل في التنمية التي توفر الأمن من الخوف (الأمن السياسي)، والإطعام من الجوع (الأمن الاقتصادي)، لكن حين افتقدنا حركية “تنمية الإنسان” الذي يقوم على تحقيق هذه النتائج في الواقع غابت كثير من المعاني الجميلة مثل العدالة والأمانة والمساواة وغيرها، فالعدالة لكي تتحقق تحتاج إلى الإنسان العادل، والأمانة لكي تتحقق تحتاج إلى الإنسان الأمين،و،و،و. وصدق الله -عز وجل- الذي قال في محكم التنزيل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}.[الرعد:11].

هناك جملة مشهورة للرسام العالمي “بيكاسو” قال فيها:” أحب أن أعيش كرجل فقير ومعي الكثير من المال”، ولعل هذا ما يريده بعض المسؤولين للشعب الجزائري، فالخزينة مملوءة، والكثير من المواطنين يلتقطون طعامهم من المزابل..!

إن العدالة أساس الملك، وحين يتحول الظلم إلى قاعدة، والعدل إلى استثناء، فسيصبح المُلْك والـمَلِك على فوهة بركان حي..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى