تاريخ اليهود وديانتهم (2)/د.عمار طالبي
لما ظهر هذا الكتاب علَّقَت عليه عدة وسائل الإعلام، ولا بأس بالإشارة إلى بعض هذه التعليقات لأهميتها، فمن هذه التعليقات، تعليق بنيامين بيت-حليمي في صحيفة: Haaretz ” يقدم الكتاب ثلاث نظريات مركزية..إن ميراث التعصب اليهودي، وبخاصة في مجال الموقف اليهودي إزاء غير اليهود Gentiles عقبة كأداء تمنع تطوير حضارة يهودية علمانية متنورة”.
وعلقت American Library Association Booklist: “ما يثير اضطرابا أكبر هو إصرار شاحاك على أن الدين في صيغته الأصلية التلمودية يؤدي إلى تسميم العقول والقلوب، هذا الهجوم المثير للجدل على إسرائيل، على يد شخص يهودي لابد أن يثير ذعرا يهوديا على نطاق عالمه”.
وعلقت The Nation: “يضع فيه شاحاك كل تاريخ المعتقدات التقليدية..تحت مجهر نقد مشكك صاخب”.
وعلقت London Review of Books أن هذا الكتاب: “هو تمحيص ثابت للدين والتاريخ اليهودي” إلى آخر التعليقات المهمة التي نقلتها المترجمة للكتاب في أوله، نقلا أمينا.
وكتب نورتن ميزيفينسكي مقدمة أخرى لهذا الكتاب: “هو أقرب لأن يكون نقدا مرا لليهودية الكلاسيكية الكهنوتية، والطبيعة الصهيونية لدولة إسرائيل، كتبه يهودي فخور، واسع المعرفة وشجاع..مات فجأة في القدس يوم 03 تموز 2001”.
كان من أنصار الفيلسوف اليهودي سبينوزا الذي نقد التوراة، وتأثر بابن حزم الأندلسي في نقده للتوراة في كتابه: الفصل في الملك والأهواء والنحل، وبيّن شاحاك هذه العنصرية، وضيق الأفق، وكراهية غير اليهود من العصر التلمودي حتى العصر الراهن، وواصل البحث في تاريخ اليهود نحو أربعين عاما من حياته، وعلق عليه نعوم تشومسكي صاحب الدراسات الألسنية اللامع، المنتصر لأهل فلسطين، قائلا عن الكتاب: “هو مساهمة لها قيمة لا تقدر بثمن”، لذلك هاجمه بعض اليهود، يهود الشتات، بطريقة شريرة ومؤذية، واتهموه بمعاداة السامية، إنه تخلّى عن الإيمان بدينه اليهودي الذي تربى عليه، وثار ضد الصهيونية، إلا أنه ملتزم أخلاقيا، وقام بعدة محاضرات في الجامعات والكنائس والمنظمات، وحاور عددا من الشخصيات من أعضاء الكونغرس الأمريكي، وموظفي وزارة الخارجية الأمريكية، وتحدث عن ظلم اليهود ونظامهم للفلسطينيين، ووزع كثيرا من مقالاته ومحاضراته بعد أن ترجمها إلى اللغة الإنجليزية، كما نشر منها باللغة العبرية في: Translation from Hebrew Press، ونشر هذا الكتاب “تاريخ اليهود وديانتهم” أول مرة سنة 1994، ومن كتبه: أسرار مكشوفة، وكتاب: النووي الإسرائيلي والسياسات الخارجية، والأصولية اليهودية في إسرائيل، شاركه في هذا صديقه: نورتن ميزيفينسكي الذي قدم له هذا الكتاب بمقدمة أشاد فيها بذكائه وعلمه وصراحته.
احتج يوما احتجاجا شديدا لما شاهد رجلا يهوديا متطرفا رفض استعمال هاتفه يوم السبت لدعوة سيارة إسعاف لشخص غير يهودي، أصابه مرض في حارته في القدس، ولما سأل أعضاء المحكمة الكهنوتية في القدس عن هذا العمل في دين اليهود أجابوه بأن اليهودي تصرّف تصرّفا صحيحا منسجما مع تعاليم دينه، فنقل هذا الخبر إلى صحيفة هآأرتز العبرية اليومية، الكثيرة الانتشار، وتسبّب ذلك في نشر هذه الفضيحة للديانة اليهودية التلمودية، مع العلم أن هذه الجماعة الكهنوتية التلمودية هيئة رسمية، وأكدت القرار الذي يقضي أنه على اليهودي أن لا ينتهك حرمة يوم السبت من أجل إنقاذ حياة شخص غير يهودي، وأما اليهودي فيجب إنقاذه ولو أدى الأمر إلى انتهاك حرمة السبت.
وهذا دفعه لبحث ودراسة القوانين التلمودية التي تبين العلاقات بين اليهود وغيرهم، فانتهى إلى أن الدوافع التي تدفع إلى العنصرية والكراهية، إنما هي دوافع دينية تلمودية، واعتبار الدولة “يهودية” يشكل خطرا ليس على ذاتها وسكانها فحسب، ولكن على جميع اليهود وجميع الشعوب والدول في الشرق الأوسط وخارجه، وهذا ما لا يناقشه اليهود ولا يكشفون عن خطره عليهم، والأخطر من ذلك أنه تقرر في الدستور في عام 1985 بأغلبية ساحقة في الكنيست بأنه لا يمكن لأي حزب يحتوي برنامجه على معارضة لمبدإ “الدولة اليهودية” أن يشارك في انتخابات الكنيست، وبهذه تنتفي عنها صفة الديمقراطية نفسها، ولذلك عارضها شاحاك بسبب هذه الإيديولوجية اليهودية، فتكون ضد جميع من ليس يهوديا، فهناك خطران على اليهودي: تزايد الصفة اليهودية لهذه الدولة وازدياد قوتها النووية، بالإضافة إلى تأثيرها في السياسة للولايات المتحدة الأمريكية، وأنه لا يكون المواطن مواطنا إلا إذا كان يهوديا، ولا يقيم بها إلا اليهود، ولا ينتفع بأراضيها إلا اليهودي.
يتبع