الساقطون في جحر الضّب.! /أ.كمال أبوسنة
ينتظر بعض الأعراب من بني جلدتنا نهاية العام الميلادي بفارغ الصبر ليحتفلوا بدخول العام الميلادي الجديد في أجواء العربدة والفجور وممارسة كل أنواع الفسق والعُهر والرذائل حتى ليُخيل إلى من يشاهد هذه المهازل والخبول أنه في بلد غربي “مسيحي”، بل وفي بعض الأحيان يصبح هؤلاء المفتونون ملكيين أكثر من الملك، فيفعلون في ليلة رأس السنة ما لا يفعله الغربيون أنفسهم..!
فهل يُعقل أن يحتفل المسلم بـ”بابا نوال” مقلدا الغربيين فيما يصنعونه في ليلة عيد الميلاد الذي يُعتبر تاريخا مزورا لميلاد المسيح وغير مؤكد علميا، فالدلائل القرآنية والعقلية تدل على أن عيسى-عليه السلام- ولدته أمُّه الصديقة مريم –عليها السلام- في غير فصل الشتاء، بل حتى الطوائف المسيحية وكبار علمائهم الأكاديميين في خلاف كبير حول تحديد اليوم والشهر الذي ولد فيه المسيح عيسى -عليه السلام-؟!.
والمسيحي حين يحتفل بميلاد عيسى -عليه السلام- يفعل ذلك من منطلق أنه يحتفل بعيد ميلاد ابن الله الذي يمثل أحد أقانيم التثليث على حسب اعتقاده الباطل ” نظراً لغرابة الحادث وضخامته فقد عزّ على فِرَق من الناس أن تتصوره على طبيعته وأن تدرك الحكمة في إبرازه، فجعلت تضفي على عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ صفات ألوهية، وتصوغ حول مولده الخرافات والأساطير، وتعكس الحكمة من خلقه على هذا النحو العجيب،ـ وهي إثبات القدرة الإلهية التي لا تتقيد ـ تعكسها فتشوه عقيدة التوحيد.”.تفسير سورة مريم (في ظلال القرآن).
أما شجرة الميلاد فهي تقليد روماني قديم حيث كان الرومانيون يزينون بيوتهم بشجرة احتفالا بعيد ميلاد الشمس التي لا تقهر، ثم تبنت المسيحية المحرفة هذا التقليد وأضفت عليه هالة دينية واعتبرت أشواك ورق الشجرة إكليل المسيح، وثمرها الأحمر يرمز إلى دمه الذي سُفك من أجل تطهير البشرية من الخطيئة..!
فكيف يجاري المسلم الموحد ضلالا مبينا كهذا ويقلد أصحابه فيه..؟!.
والغريب أن كثيرا من أبناء جلدتنا يحتفلون بنهاية العام الميلادي وقد ذهلوا أن أعمارهم ما هي إلا بعض الأيام والليالي، كلما انقضى يوم اقترب الأجل المحتوم، فلأي شيء يفرح هؤلاء المفتونون ولأي شيء يحتفلون؟!.
وصدق الشاعر الواعظ حين قال:
تنبه قبل الموت إن كنت تعقل
فعما قريبٍ إلى المقابر تُحملُ
وتمسي رهيناً في القبور و تنثني
لدى جدث تحت الثرى تتجندلُ
فريداً وحيداً في التراب و إنما
قرين الفتى في القبر ما كان يعملُ
وقال آخر من أولي الألباب:
إني أبثك من حديثي
والحديث له شجون
فارقت موضع مرقدي
يوماً ففارقني السكون
قل لي فأول ليلةٍ
في القبر كيف تُرى أكون؟!
إنه التقليد الأعمى الذي أصبح سمة ملازمة لهواة الحياة الغربية المادية بكل مفاتنها ومفاسدها الفارغة من معاني الروح والهداية بتعاليم السماء، حيث يظن هؤلاء المفتونون أن الوصول إلى التحضر المزعوم ومواكبة العصر يستلزم منهم أن يحيدوا عن طريق الله ورسوله ويخالفوا العوائد الخيرة التي توارثها اللاحق عن السابق ولو أدى بهم الأمر إلى إلقاء أنفسهم إلى التهلكة، حتى ليصدق فيهم قول النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما حذر أمته من السير في ركاب الساقطين من مقام الإنسانية إلى درك الحيوانية قائلا:”: “لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه” روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وفي رواية:” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبتبعتموهم،قلنا: يارسول اللهاليهودوالنصارى؟!.قال: فمن.“.
وقديما قالت العرب في الأمثال: “أبله من ضب”، و”أحير من ضب”، و”أضل من ضب”، و”أعق من ضب”، هذه صفة المتبوع، فهل يتعظ التابع؟!.