" نتانياهو " يسابق الزمن /الأستاذ. محمد الحسن أكيلال
آخر الخرجات التي قام بها رئيس حكومة الكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة قراره التاريخي بجعل أراضي الضفة الغربية كلها أراض إسرائيلية، لا تعتبر أراض محتلة حسب القانون الدولي، والقرار طبعا اتخذه بعد أن استفتى المحكمة العليا في دولته التي اعتمدت في فتواها على نصوص التوراة والتلمود التي سميت فيها المنطقة باسم “يهودا والسامرة “.
بعد صدور الفتوى والقرار أعلن عن انطلاق مشروع إنجاز 800 وحدة سكنية للمستوطنين اليهود.
قبل القرار ألقى خطابا قصيرا أمام “الكنيست” أعلن فيه عن إجراء انتخابات تشريعية مسبقة قبل نهاية العام القادم عساه بذلك يفوز بالأغلبية الساحقة من مقاعد “الكنيست” – البرلمان الإسرائيلي- الذي ستفوز فيه أغلبية اليمين المتطرف الإسرائيلي، وهكذا ستكون الجزرة التي وضعها أمام هذه الكتلة السياسية التي لا تخضع إلا لأهوائها العنصرية ومنطقها الصهيوني المبني على الأكاذيب والمغالطات التي كرسوها في ذهنيات الشعوب الغربية المسيحية وعلى رأسها الشعب الأمريكي الذي تتبع أغلبيته المسيحية المذهب البروتستانتي الإنجيلي.
الدهاء الذي لا نظير له الذي يتمتع به اليهود منذ فجر التاريخ ما زال قائما، وهو الدهاء الذي اعتمده رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتانياهو” حيث اختار الوقت المناسب لقراره هذا.
الظرف المناسب:
الإعلان عن القرار جاء في ظرف مناسب جدا على الصعيد الداخلي والخارجي:
– داخليا: ثبت أن الحكومة الحالية التي تتمتع بأغلبية ساحقة من اليمين الصهيوني المتطرف مطمئنة كل الاطمئنان لسياسته المنسجمة تمام الانسجام مع أطماع وأحلام المتطرفين اليهود في الدولة العبرية.
– الشرخ الذي حدث للصف الفلسطيني لا يبدو أنه سيلتئم في القريب العاجل، والسلطة التي قررت إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية دون قطاع غزة سيكون أهم عوامل ازدياد اتساع هذا الشرخ.
– قيام نظام مصر الجديد بتدمير الأنفاق والعودة إلى تقنين فتح معبر رفح، وتعيين سفير جديد لدى إسرائيل، ثم تبعته المملكة الأردنية الهاشمية بنفس الخطوة.
– خارجيا: الانتخابات الرئاسية في أمريكا، وتنافس المرشحين على كسب ود دولة إسرائيل من خلال كسب ود الحركة الصهيونية في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية.
– استمرار الأوضاع على حالها في كل من سوريا ومصر وليبيا والعراق وتونس، حيث يستشف منها اندفاع الأحداث لتوجيه المآلات في كل هذه الأقطار إلى حيث تقف القوى الإمبريالية الكبرى الرأسمالية في انتظارها منهكة القوى لتكون في كل الاستعداد لقبول الأمر الواقع لتبني الرأسمالية الليبرالية كخيار دون الجاهزية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية له.
– التأكد من نجاح العقوبات الغربية لإيران التي لا شك ستدفع بها إلى أتون ثورة شعبية عارمة على غرار ما حدث في الدول العربية، والتخلص من إيران وقوتها العسكرية ومشروعها النووي والتكنولوجي سيخلص إسرائيل ويريحها لأطول زمن ممكن من هواجسها الأمنية من أعدائها الكثيرين المحيطين بها.
التقديرات:
كل المعطيات السالفة الذكر في الحسابات الإسرائيلية حسبت بدقة، ولكن هل تنعدم مجالات الخطإ فيها إلى الحد الذي تتصوره؟
الأوضاع العربية فعلا قلصت مساحة الخطإ إلى حد بعيد، لكن إيران يمكن أن تقلب الأوضاع رأسا على عقب بالنظر إلى ما يتميز به الشعب الإيراني من قوة الشكيمة حين يتعلق الأمر بمصالحه الإستراتيجية.
وتجربة كوريا الشمالية وكوبا يبدو أنها ستحظى بالنجاح أيضا في الجمهورية الإسلامية، وإيران بطول حدودها الجغرافية في الاتجاهات الأربعة ستوفر لها فرص التبادل التجاري بالطرق السرية للحصول على أموال تخفف بها وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية، والاستعانة بالشحن العاطفي للإعلام بالاستعانة بالدين خاصة لرص الصفوف اتجاه الغرب الصليبي المعادي للإسلام.
إن خطأ فادحا سترتكبه إسرائيل إذا نفذت تهديدها ضد إيران، لأنها بذلك ستجر المنطقة كلها إلى حرب مدمرة ستكون هي أول من يطالها ذلك التدمير، وقد تكون السبب لتجنيد كل الشعوب العربية وراء الشعب الفلسطيني وإيران لقلب المعادلة الدولية الحالية التي كانت لصالح إسرائيل منذ زرعها القسري في أرض فلسطين رغم أنف أبنائها وأنوف كل الشعوب العربية.