طوبى لك يا ديامس المسلمة /د. عبد الحفيظ بورديم
قد جاء في الخبر أن آدم أبا البشر، كان يرفل في جنّة السماء تحفّه مشاهد النور والبهاء. ولكنّ الأمد طال عليه فمدّ يده للشجرة المحرّمة عليه. أكل من ثمرتها فانكشفت سوءته بها. نظر إلى زوجه كالمغشيّ فإذا هي مثله بادية العري. علما أنّهما ما انكشفت سوءاتهما إلاّ بأكلهما ما حرّم عليهما. وصارت سنّة من السنن الجاريات، أكل الحرام سبب كشف العورات.
كانت بلقيس مليكة على سبإ فلمّا جاءها الهدهد بالنبإ، دخلت صرح النبي سليمان، وأذعنت بالإسلام للرحمن، لمّا رأت صرحا ظنّته من ماء فكشفت عن ساقيها في حياء. كانت شريفة في قومها تتستّر -وهي الوثنية- بثيابها، وكذلك شأن الكريمات ولو كنّ نصرانيات أو وثنيات، يأبين أن يظهرن زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ، وأمّا أكلة الحرام فأنّى لهم أن يفقهوا منطق الكرام.
وكانت مريم بنت عمران أعفّ البنات في بلاد كنعان، طهر ظاهرها كما طهرت سرائرها، فأكرمها الله بالاصطفاء وفضّلها على جميع النساء، وأجرى ذكرها في الكتاب المبين مثلا سائرا للمسلمين، وصنع لها الكنسيون أيقونة قديما، وهي ترتدي جلبابها الصميم. وما علم النصارى لها غير ساتر الثياب، وما عملوا لها صورة بغير حجاب.
ومن عجيب أن تغفل هذه المدنيات عن واضح الحقائق وبيّن المسلّمات، فيغالون في معاداة المتطهرّين والمتطهّرات، ويظهرون قبيح الأحقاد على المسلمين والمسلمات. ملأوا الصحف السيارة بالأكاذيب الضارة، وخوّفوا الغربيين من المآذن وذوات البراقع، بعد أن ملأوا الإعلام بنيران المدافع. وصارت عندهم كلّ محتجبة مثار همزة، وكلّ مسلمة مثار لمزة. وأعلنوها عداوة للجلباب ظنّا منهم أنّه مظهر تخلّف الأعراب.
هل ينكرون أنّ جورج صاند كانت هي الداعرة؟ وأنّها أوّل من خرجت سافرة؟
هي أوّل من مشى بلباس الرجال، ظنّا أنّ السفور مظهر الكمال، وهي أوّل من أغرى النساء بالسفور، فانتقلت من بيت الأمومة إلى الفجور. ونفثت فيهنّ من سمّها يراعا فخرجت من مثلها سراعا، ينادين بالتحرر وما هو إلاّ مركب التهوّر. فعشن حياة البغاء كالحطام، وابتلين بالاكتئاب والانفصام. يعصرهنّ تجار الأجساد حتى إذا هرمن باعوهنّ في المزاد.
وكانت ج.ديامس مثلهنّ جريئة طليقة، لا تنفكّ ترقص في كلّ ناد وحديقة، حتى عافت نفسها المجون، واعتزلت الفنانين وما يعبدون. فكّرت في الانتحار هربا من حياة الفجّار، ولكنّها لمّا أيقنت بالإسلام سجدت لربّ الأنام، فتطهّرت نفسها من كلّ ركام، وخرجت بجلبابها تعلن للّه ولاءها.
ولكنّ أدعياء الحرّية فجّروا ما بهم من سوء الطوية، وعقدوا المجالس والندوات يعيبون عليها لباس المسلمات. رضوا لها أن ترقص وتغنّي ولم يرضوا لها أن تعفّ وتصلّي. كأنّ العري حرية وانطلاق، وكأنّ التستر عندهم جريمة وانزلاق.
قد تاب آدم وأناب، ولكنّ أجيالا من الآدميين ما تابوا ولا أنابوا، بل لجّوا في الضلال واستهزؤوا من الهلال. فطوبى لامرأة أدركت الحقّ فاتبعته، وطوبى لامرأة رأت الباطل فصدّت عنه، فهل تتّمثّل بها بناتنا –من المسلمات؟؟- اللائي مشين مائلات مميلات.