مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الحدث

الدورة العادية للمجلس الوطني :كلمة الرئيس

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، حبيبنا وحبيب الله…
أيها الإخوة، أيتها الأخوات…سلام عليكم، وأنتم تمثلون الشموع المضيئة في دنيا جزائرنا المليئة سلام عليكم وأنتم مصابيح لتبديد ظلمات الدجى، ومفاتيح لترشيد العقل والحجى.. أحييكم، تحية الجندي الطائع لقادته الصادقين المخلصين…وتحية المريد الصالح، لشيوخه المصلحين، فمنكم نستلهم منهجية العمل في سبيل الصالح العام، ونستوحي آفاق الأمل من أجل بناء مجتمع المحبة، والإيمان والسلام.
اخوتي الأعزاء…
لقد انقضت سنة على اليوم الذي انتخبتموني فيه بكل نزاهة وشفافية، فقلدتموني مسؤولية جمعيتكم العتيدة، للسير بها قدما إلى الأمام نحو الآفاق النبيلة، البعيدة. ومن حقكم عليّ بهذا الانتخاب أن أقدم لكم الحصيلة والحساب وأصدقكم القول، إنني لم أكن أتوقع ثقل المسؤولية بهذا الشكل، ولا ضخامة القضايا والمشاكل بهذا المِثل. فمنذ اللحظة الأولى، بدأنا نواجه الحواجز والعقبات، ونواجه بأتفه المشاكل، وأعقد الصعوبات. ولكننا والحمد لله، تسلحنا بسلاح الوفاء الذي هو توأم الصدق كما أعلنتم فعملنا على تعبئة الطاقات المؤمنة بمبادئ جمعية العلماء، والوفية لجحافل علمائها، وشهدائها المصلحين الصلحاء.
ولقد وفّقنا الله إلى حلحلة الموقف فكانت الديناميكية العلمية التي صنعتموها أنتم، بتعبئتكم وأنشطتكم الثقافية، وكانت المساعدات المالية التي تبرع بها المحسنون للجمعية سواء من الهيآت الخاصة أو العامة.
وبذلك تمكننا من بدء عملية التحسيس والتوعية الإعلامية، للفت الانتباه إلى واقع الجمعية وما تعانيه، فتكثفت اتصالاتنا بوسائل الإعلام الخفيفة والثقيلة، وتعززت لقاءاتنا على جميع مستويات السلطة تحسيسا لهم بالتهميش والإقصاء الذي تعانيه الجمعية سواء من حيث التمويل، أو الإيواء، أو التمثيل…ويمكن القول أننا نجحنا في إسماع كلمة الجمعية إلى جميع المستويات، فحصلنا على مساعدة هي الأولى من نوعها من ميزانية الدولة، مع الوعد بإدخال مطالب الجمعية «ماليا ،» ضمن الخزينة العامة. كما أصبحنا نمثل في مختلف الأنشطة السياسية، والدبلوماسية، كما تمكنا من الحصول على قطعة أرض تبلغ مساحتها
15000 متر مربع، ستبنى على سطحها، إن شاء الله، مجمعا ثقافيا متكاملا، كما سيبين ذلك لاحقا إن شاء الله كل من الأمين العام للجمعية وأمين مالها. كما عملنا على التنقل إلى مختلف الولايات جنوبا وشمالا، وشرقا وغربا، للمساهمة في الأنشطة الثقافية التي كانت – والحمد لله – مجال تنافس بين معظم شعب الجمعية النشيطة.
هذا على الصعيد المحلي، أما على الصعيد الدولي فقد قمنا أيضا بأنشطة مختلفة في فرنسا، وتونس، والمغرب، وموريتانيا، وتركيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وإندونيسيا، وغيرها، وقد نجحنا في تحسين العلاقات بين جمعيتنا والهيآت الإسلامية في هذه البلدان، بحيث حصلنا على وعود بقبول بعض طلاب الجمعية في المؤسسات الثقافية ذات الطابع الجامعي كالزيتونة، والأزهر، والمؤسسات التركية إلخ …
ولا يزال العمل متواصلا، ولا يزال هاجس تبوّؤ جمعية العلماء المكانة التي تستحقها محليا وعالميا يسكننا، ويأخذ منا كل أوقاتنا، بالعمل الهادف، المنظم، الدقيق والعميق، بحيث نتمكن إن شاء الله وبتعاونكم جميعا إلى أن يصبح كل بيت جزائري هو شعبة لجمعية العلماء.
اخواننا الأعزاء …
هل يعني هذا أن الجمعية قد حققت أهدافها؟ وهل يمكن الزعم مع الخائضين بأن جمعية العلماء لم تعد الحاجة ماسة إليها، والبلاد تبني مؤسساتها الثقافية والتربوية، وتعلي من جامعاتها العلمية، وتفتح نواديها الاجتماعية ووسائلها الإعلامية؟
إننا نقول لهؤلاء ولأولئك إن الجزائر أشد حاجة، اليوم إلى منهج جمعية العلماء، هذا المنهج الإصلاحي المتأصل في أعماق هويتنا وعقيدتنا، كما وضعه علماؤنا الأجلاء، وكما يتطلبه عصرنا، إنه المنهج الذي يعيد الأمة إلى ذاتها وقد مسها طائف من الانسلاب والانسلاخ عن الذات.
وإن منهج الجمعية لهو البلسم الشافي مما يعانيه مجتمعنا، من تفشي العنف المادي والمعنوي، وشيوع الفساد على جميع المستويات، والانحلال الخلقي بين البنين والبنات… إن منهج جمعية العلماء بخصوصياته الواقعية، والموضوعية والتأصيلية، لهو المنبه للأمة من ذهاذها كي تعود إلى وعيها المفقود وتحقق مقصدها المنشود، وتستأنف دورها الحضاري المعهود. لذلك فيا إخواني، إن المسؤولية الملقاة على كاهل كل واحد وكل واحدة منكم مسؤولية ثقيلة، وتتطلب المزيد من الجهود والتضحيات، وإن أداءها محفوف بالمخاطر والصعوبات، ولكننا متى تسلحنا بالحزم والعزم، والصدق والوفاء، أمكننا
تخطي الصعوبات وفتح كل الأبواب.}وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ زَحتَْنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{. فإلى مزيد من التلاحم، والتفاهم، انبذوا كل أنواع العصبيات الضيقة حزبية كانت أو جهوية، أو لغوية، فجمعية العلماء، هي الحضن الدافئ الذي يتسع لكل أبناء الأمة، بشرط واحد هو نبذ الذاتية الخاصة، في سبيل الذات الحضارية العامة.
كونوا في مستوى نقاوة الإسلام وصفائه، ونصاعة العلم وجلائه، وتسامح الوطن والوفاء لشهدائه، فقدوتكم في ذلك الأئمة الماهدون منذ إمامنا عبد الحميد بن باديس، إلى إمامنا عبد الرحمن شيبان، فالوفاء هو قوام الصدق كما أعلنتم بحق، إن هذا الاجتماع مناسبة لفك الألسنة من
قيودها، والعقول من عقالها…لنشخص بشجاعة وعزم وحزم عوامل الداء، وإيجاد الدواء.
كلل الله عملكم بالنجاح، وسدد خطاكم إلى الفلاح، وحقق على أيديكم كل صلاح وإصلاح. نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل فوق ما فعلوا
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، للمجلس الوطني في دورته العادية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى