مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

نفوس حزينة يوم الزينة / د.عبد الحفيظ بورديم

شُرٍِع العيد جائزة لأمّة الصيام، وفرحة لها دون الأنام. به يكون المسلمون أهل الإيمان، يتجدّدون بالحقّ مع الزمان. فيصيرون هداة  بجميل الخُلُق يعجب من أمرهم عموم الخَلْق. وللّه درّهم حين ركعوا مكبّرين وسجدوا مهلّلين، فإذا قضوا الصلاة انتشروا، وإذا جاعوا أو عطشوا صبروا.

فهموا من العيد أسراره،فروى التاريخ أخبارهم وأخباره، يعلمون مواقع النجوم، ويتبعون هدي الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلّم). كأنّهم وقد لبسوا زينتهم، عباد مكرمون بين يدي خالقهم، وكأنهم وقد تصافحت بالمودّة قلوبهم، حواريون غفرت ذنوبهم، تعرفهم بنظرة النعيم، وقد استبشروا بالخير العميم.

ولكن، ما باله المتنبي؟ خرج مغاضبا يشكو إلى ربّي، يشكو أمّة يلهو بها حاكم كافور، ويستخفّ بها كذّاب وكفور. فأضاعت كلّ مكارمها لمّا أسلمت قيادها إلى ثعالبها، طمعوا بالعناقيد، فاستعانوا بالرعاديد، واستولوا على إمامة المسلمين، ثمّ جعلوها عمامة الآبقين. فما جاءهم العيد إلّا وفي حمله التسهيد. أي وربي، ما أحد أشقى من المتنبي، أفسد فرحته المناكيد يوم جاءه العيد. فخرج مغاضبا وقتلته السيوف هاربا. ظنّ الهروب ينجيه من أبي البيضاء، ولكنه لقي الحتف في البيداء.

ثمّ ما بال الإمام محمد البشير، صاح في الغافلين صيحة النذير، ظنوا العيد أن يلبسوا الجديد، ونسوا أنه رقيب عتيد، يقدم بين يدي يوم الوعيد، يسألنا عن أولى القبلتين التي أضعناها، وعن فلسطين التي تركناها. فصارت مرتع الخائنين بعد ان كانت مسرى النبيين. ثمّ نفرح ونلعب، وغراب البين ينعب، ومثل المسلمين كالغنم تساق إلى الذبح، وهي ترتع غافلة في أعشاب السفح. عيد الإبراهيمي عيد حزن وهمّ، مادامت فلسطين في الأسر والغمّ. ظنّ المسلمين أحياء القلوب، ولكنه ألفاهم غرقى في الذنوب.فقال يناجيهم بلسان الصدق ويذكّرهم بأسباب الشّقّ: “ألستم أنتم الذين أضعتم فلسطين بجهلكم وتجاهلكم مرة وخذلكم وتخاذلكم ثانية وباغتراركم وتغافلكم ثالثة وبقبولكم للهدنة رابعة وباختلاف ساستكم وقادتكم خامسة وبعدم الاستعداد سادسة وبخيانة بعضكم سابعة ما عدوكم أعلم به منكم ثامنة، وفي أثناء ذلك كتب الحفيظان عليكم من الموبقات ما يملأ السجلات”.
ويرحم الله علماءنا، نصحوا لنا وما تغيّرنا، بل زدنا خبطا في الجهالة وتضييعا لمعاني الرسالة، لا يزال أكثرنا أشرارا، ولا نزال جميعنا أغرارا. نرتضي من الحياة شهوتها، ونتنافس على زينتها، وما علمنا أن أكثر السمّ في الدّسم، وأنّ أكثر الجهل قاتل الأمم.
فهل نهنأ بالعيد وأهلونا في ميانمار يذبحون؟ أم هل نهنأ بالعيد وإخواننا في الشام يتقاتلون؟ أم هل نهنأ بالعيد وقد تسلّط علينا الجبّارون؟ أم هل نهنأ بالعيد والمليار خوّارون من الزحف فرّارون؟
غفر الله لنا، هذا العيد تزيّنا للقياه، فهل يرضيه ما يجدنا عليه ويراه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى