"فنّ الذّكر والدّعاء." /الأستاذ عبد القادر طهراوي
في اليوم العاشر من رمضان المبارك 1433 هجرية، الموافق لـ: 28 جوليت 2012، بقاعة المحاضرات بمدرسة دار الحديث تلمسان بعد صلاة العصر، ألقى الأستاذ المحترم عبد القادر طهراوي أستاذ الشّريعة بجامعة تلمسان، رابع محاضرة بعنوان: “فنّ الذّكر والدّعاء.” وهي قراءة في كتاب للشّيخ محمّد الغزالي.
مهّد للمحاضرة بالتّعريف بالشّيخ محمّد الغزالي رحمه الله تعالى وأنّ اسمه الحقيقي أحمد حامد السّقّا من بلاد مصر، عالم من علمائها، فهم الإسلام فهما صحيحا علما وعملا حتّى إنّه جعل من نفسه جنديا يدافع عنه بما أوتي من علم. ودعا الله تعالى أن يموت وهو يدافع عن دينه الحقّ.
وبينما هو يحاضر في المدينة المنوّرة حتّى توفّي ودفن في البقيع مع الصّحابة الكرام، بين قبري إبراهيم بن رسول الله والإمام مالك.
وكان الشّيخ بكّاء –سريع البكاء- لأنّه يملك قلبا رقيقا، يحكي أحد تلامذته بأنّه كان لا يحبّ أن يؤمّ النّاس في الصّلاة، وذات مرّة ألّح عليه وهم في سفر فتقدّم الشّيخ وما إن شرع في الصّلاة حتّى بدأ يبكي ولم يكمل سورة الفاتحة. ويقول الرّجل منذئذ عرفت لماذا يرفض الشّيخ أن يصلّي بالنّاس.
وفي حديث الاثنين الذي كان يبثّ من الإذاعة والتّلفزة الجزائرية كان يشرح كلمات الآذان، غير أنّه لم يتمم الدّرس لأنّه بكى على المباشر.
ومرّة أخرى لم يكمل درسه وهو يشرح أسماء الله الحسنى حين وصل إلى اسمه عزّ وجلّ السّتّار فأجهش بالبكاء.
ومرّة أخبرني أحد الإخوة عن فضيلته دعي ليلقي محاضرة بمناسبة المولد النّبوي الشّريف فلمّا جلس على المنصّة ورأى جموع الطّلبة ينتظرون محاضرة الشّيخ بشوق درفت عيناه وقال من أكون أنا حتّى أتحدّث عن نبي عظيم صلّى الله عليه وسلّم وبكى ولم يتوقّف، وحينها قال المنشّط انتهت المحاضرة.
ثمّ شرع الأستاذ المحاضر في التّوطئة لكتاب: “فنّ الذّكر والدّعاء” من خلال المقدّمة والخاتمة للكتاب وخمسة عشر عنوانا فيما يتعلّق بأدعية الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته اليومية التي كانت موصولة بالله سبحانه وتعالى في النّقط العشر التّالية:
1- أبرز حقيقة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أنّه كان أعبد النّاس وأزكاهم.
2- أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان شديد الصّلة بالله تعالى قلبا وقالبا.
3- حرصه صلّى الله عليه وسلّم على غرس هذه الحقائق والمعاني في أصحابه رضوان الله تعالى عنهم.
4- كان يدعو ربّه ويذكره تلقائيا بدون تصنّع.
5- كانت له صلّى الله عليه وسلّم قدرة عجيبة في تذكير أصحابه بالله تعالى.
6- فضل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم علينا جميعا حتّى نتّبعه.
7- المداومة على الدّعاء لا يعلّم الخمول والكسل، ويصحّح المفاهيم الخاطئة.
8- يتضمّن الكتاب فصولا هي حرب على الفكر السّاذج، والمتحجّر.
9- يتضمّن الكتاب أيضا استهداف العقول والقلوب، وكيف كان صلّى الله عليه وسلّم يذكر ويدعو ربّه بقدرة كافية يستجمع فيها هذه الجوارح والسّلوك، مع التّركيز العميق.
10 – الكتاب يملأ العقول قناعة وحماسا واعيا لنرتفع على الأرض لنحلّق في السّماء على الأقلّ.
ويعرّج الأستاذ المحاضر عبد القادر طهراوي على نماذج من هذه الفصول:
- المقدّمة: يذكر في الصّفحة الأخيرة شغفه بقراءة سيرة الأنبياء عليهم وعلى نبيّنا السّلام كسيّدنا شعيب وسيّدنا موسى وسيّدنا إبراهيم وخاتمهم محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
- الفصل الأوّل: يعرّفنا كيف كانت علاقة محمّد صلّى الله عليه وسلّم بالله تعالى، وله الفضل العظيم لِما نحن فيه من خير من طاعة وتوحيد الله سبحانه وتعالى وفعل الواجبات وترك المحرّمات. فلو لا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما وصلتنا نعمة الإسلام.
- ومن خلال الفصل بيّن أنّه من يكون صادقا إذا كان محمّد صلّى الله عليه وسلّم مزوّرا؟
- ومن الأدعية باللّيل والنّهار دعاء بعد الطّعام والشّراب: “الحمد لله الذي أذاقني لذّته وأبقى فيّ قوّته وأذهب عنّي آذاه.” ينبّه الشّيخ إلى هذا الدّعاء وكأنّ كلماته وضعها نفر من العلماء كلّ وتخصّصه.
كما ينبّه الشّيخ إلى حقائق تربوية في الكتاب “فنّ الذّكر والدّعاء.” وإلى أسرار منها:
السّرّ الأوّل: هو المعرفة الصّحيحة والعميقة بالله سبحانه وتعالى.
السّرّ الثّاني: الذّكر المفصّل في كلّ لحظة يجعل من الملتزمين به مرتبطين بالله تعالى باللّيل والنّهار.
السّرّ الثّالث: نجد في أغلب الأذكار محمّدا صلّى الله عليه وسلّم يقرّ لنفسه بالنّبوّة.
السّرّ الرّابع: فيه إشعار منه صلّى الله عليه وسلّم بأنّه أوّل ملتزم بما جاء في الذّكر والدّعاء.
السّرّ الخامس: يُشعرنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم بنعم الله عزّ وجلّ عليه، ويُبرز هذه النّعمة الإلهية ويُذكّر نفسه بها، وأنّه راض بها.
السّرّ السّادس: ترغيم أنوف الكفّار بهذه الحقيقة.
السّرّ السّابع: الدّعاء والذّكر سلاح فعّال من الهموم.
وفي الأخير ذكر الأستاذ عبد القادر طهراوي أنّ الشّيخ ختم كتابه “فنّ الذّكر والدّعاء” بـ: مهما كتبتُ أو كتب غيري ليس نهاية المطاف، بل هناك من يأتي بعدي ويكتب في هذا الموضوع عن التّأدّب الجميل مع الذّكر والدّعاء.
تلمسان: 10 رمضان المبارك 1433 هجرية، الموافق لـ: 28 جوليت 2012.
محمّد بومشرة.
مكلّف بالإعلام والثّقافة – المكتب الولائي- تلمسان
*جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين*