مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
كلمة الرئيس

يـا أمـتي…!

جفت مآقينا، من الدموع، يا أمتي، فلم نعد نقدر على ذرف دمعة، لهول ما أصابك. فقد جمدت عروقنا، وتكلست عظامنا، وتوترت أعصابنا، فهرمنا قبل الأوان، لما يلاقيه الشيوخ والأطفال، والنساء والشبان، في كل البلدان.

أظلمت جوانب الحياة كلها في ربوعنا، فغاب عنها المصباح، والقنديل والشمعة.. فيا لها من مصيبة!، ويا لها من لوعة!. فلا دموع لدينا لندب القتيل في سوريا، وقد كان يخطط للختل والقتل. ولا عزاء للقاتل في دمشق، وحلب، والحولة، ما دام يقاتل في سبيل الكرامة والشرف، رافضا حياة السوائم، التي تروض بالبرسيم والعلف.

إن محنة سوريا -الدامية اليوم- هي محنة كل جزء من أقطار الأمة العربية، في زئيرها وهديرها، وهي تخوض معركة التغيير من أجل تقرير المصير. فغير بعيد من سوريا، يعيش “عراق النشامي” التاريخي، معاناة الترويع والإذلال، فيسام سوء العذاب، ويقتّل بين فكي الثعالب والذئاب. فهذه التفجيرات العمياء التي تودي بالأبرياء، في صراع بين المستضعفين والأقوياء، والطغاة الجاثمين على رقاب الشعب، وجماهير العراق المستسلمين الضعفاء، إنما هي رسالة من المؤمنين العراقيين وهم يرفعون أكف الضراعة إلى رب السماء.

إن ما يحدث في سوريا، والعراق، حدث ويحدث في اليمن، والصومال، وليبيا، وقد يحدث –أيضا- في باقي الأجزاء بكل غباء. فإلى متى يا أمتي يستمر هذا العناء؟

لطالما نادينا حتى بُحت أصواتنا، ولطالما كتبنا، حتى كَلَّ متنُنا، من أن ما تعانيه أمتنا العربية من ويلات ومحن، ليس مرده إلى سوء التغذية، بل إلى سوء التربية، وليس إلى ندرة في الاقتصاد، بل إلى إذلال العباد. وليس إلى فقر في العلم بل إلى وفرة في الظلم.

إن الشعب العربي قد حكم عليه أن يعيش في دهاليز الظلامية الفكرية، والعصية الإيديولوجية، والاستبدادية الحزبية، والأحادية السياسية، ففي هذا السياق يجب أن تفسر تحركات الشعب العربي، وهو ما فتئ يلقي  دروسه، بشتى أساليب الأداء، ولكنه لم يجد الآذان الصاغية، من الذهنيات المريضة للطاغية… وتلك هي مصيبتك يا أمتي!

فلو كان سهما واحدا لاتقيته         ولكنه سهم، وثان، وثالث

وبعد فإلى متى تتواصل حلقات هذا المسلسل الدامي في أقطار أمتنا؟  هل حكم على الطفل العربي أن يعيش طفولته في جو الرعب، والخوف، نتيجة الدمار والتفجير، بدل اللعب، والغناء، واتقان الكتابة والتعبير؟ وهل كتب على المواطن العربي أن يحرم من أشعة شمس بلاده الساطعة، لتعوض بسحب التفجيرات، وأسلحة الدبابات، والمقنبلات المزمجرة القاطعة؟ ما ذنب هذا الطفل؟ وما جريمة هذا المواطن؟ سوى أنه تاق –كغيره- من بني الشعوب الأخرى، إلى أن يعيش داخل بلاده، وسط الحب، والوئام والسلام، وأن ينعم ككل إنسان، بحرية الاختيار، والمساهمة في صنع القرار، والاستفادة –بدل الأغيار- من خبز الدار.

لذلك فإن مرحلة الجزر التي تعيشها أمتنا، هي أنكى مراحل حياتها، إذا فقدت أعز ما يطلب، وهو الحرية، ونكبت فيها بأسوإ ما يوصف وهو الاستبداد والتبعية.

اختلطت –على أمتي- الأزمنة، فضاعت بين ربيع تاعس، وشتاء دامس، وخريف أيس، وصيف ناحس، فأين تذهبون؟

هل ستؤصل الأزمنة في ربوع أمتي، فيعود الربيع بأنواره وأزهاره المعهودة؟ والخريف بنسائمه المعتدلة المنشودة؟ والشتاء بسحائب غيثه المفقودة؟ والصيف بغلله وحصائده الموجودة؟

إن أمتنا، تملك كل هذه الآمال والإمكانات، متى توفر لها شيء واحد وهو الإنسان المؤمن بربه، وبوطنه، وبأمته. فمتى يلوح في سماء أمتي مثل هذا الإنسان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى