من مواقف الشيخ العقبي / الشيخ عبد الرحمن شيبان
أما الإمام الشيخ الطيب العقبي فأكتفي في ذكر مكانته العلمية والدينية والإصلاحية، ما سجله في شأنه رائد الحركة الإصلاحية الرئيس الأول الإمام المرحوم الشيخ عبد الحميد بن باديس في جريدته الشهاب العدد 158 بتاريخ 15 صفر 1357 هـ ـ 2 أوت 1928 م إذ يقول:”… من ذا الذي لا يتمثل في ذهنه العلم الصحيح، والعقل الطاهر، والصراحةفي الحق، والصرامة في الدين، والتحقق بالسنة، والشدة على البدعة، والطيبة في العشر،ةوالصدق في الصحبة ، إذا ذكر الأستاذ العقبي”
ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أروي لكم حادثة تتصل بالمسيرة النضالية للإمام المصلح المرحوم الشيخ الطيب العقبي تعبر عن مدى ما أوتيه من حكمة سياسية في التعامل مع السياسة الاستعمارية في السلم وفي الحرب معا.
من ذلك أني في بداية الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945 م) كنت مجندا في إحدى الثكنات العسكرية بالبليدة، فساروا بنا إلى حضور مهرجان إعلامي دعائي أقيم في قاعة سينمائية كبيرة، للتنويه بمحاربة الحلفاء للدولة الألمانية الباغية، وما هي إلا لحظات حتى رأيت مندهشا فيمن يرى المصلح الكبير الشيخ الطيب العقبي يصعد إلى المنصة ليطلب إلى الجزائريين الحاضرين من المدنيين والعسكريين تأييدا كاملا مطلقا لفرنسا وحلفائها، في حربها الدفاعية من أجل الحرية والعدل والديمقراطية في العالم، فإذا بالعالم المصلح الشيخ الطيب العقبي يفتتح خطبته بلمحة تاريخية للعالم العربي والإسلامي مع السياسة الاستعمارية الغاشمة التي درجت عليها فرنسا وبريطانيا في المشرق والمغرب، منددا بخيانة الحلفاء لوعودهم لمن ضحوا بدمائهم من الشعوب المستعمرة في سبيل انتصارهم سنة 1918 م، فكانت مقدمة خطاب الشيخ العقبي حخيبة مريرة للسلطة المدنية والعسكرية التي نظمت المهرجان الإعلامي والدعائي مما جعل منظمي المهرجان يقطعون التيار الكهربائي فانطفأت الأضواء وانقطع صوت الشيخ الجليل وتفرق الجمع، بابتهاج الجزائريين وحسرة من الإستعماريين مدنيين وعسكريين”
فرحم الله الشيخ الطيب العقبي رحمة واسعة
من الكلمة التي ألقاها الشيخ شيبان بمناسبة وفاة الشيخين الابراهيمي والعقبي ـ رحمهما الله ـ بنادي الترقي عشية يوم الخميس 20 ماي 2004 م ونشرت بجريدة البصائر العدد 193 .