مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
ردودمواقف دينية

لله… وللتاريخ… وللوطن…! بقلم د: عبد الرزاق قسوم

 G (33) كَــتَـبَـتْ السيّدة “حـدّة حـزام مُـديـرة نــشر جـريـدة الـفَــجْـر، في عمودها “الـرّتـيـلة” في نفس الجريدة، بتاريخ 29 جانفي 2012، موضوعا تَـلْـمِـزُ فـيه جَــمـعـيّـةَ الـعلـمـاءِ، و رئـيسَها الأسـتاذ الـدّكـتور عَـبد الـرَّزَّاق قَـسُّـوم، فَـكَـتَـبَ الشّـيخ هـذا الـردّ و أرسلَ به إلــيها.

* هَــيـأة الـتَّــحــرِيــر *

ـ

أَدَّبــني الإسـلام فـأَحـسـنَ تـأديـبـي، حيـنما لقّـنَـنِي مِـنَ القـرآن الذي حَـفِـظْـتُـهُ قولَه تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًاو قولَه تعالى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}.

ـ

و أدّبـني الإسلام فأحسن تأديـبي، حينما علَّـمني “أَنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلّهُ” و ” إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت”. إنّ هذا الإسلام الذي فطِمت على حبّه، هو الذي علمني، و أنـا أؤدّي صـلاة الـفـجر، و أتـلو قـرآن الفـجر، أنّ الفـجـر فـجـران: فـجر صادق، وفـجر كــاذب…

ـ

اخـتـزنـت هـذه المعلومات في لاشعوري، حتّى صُـدِمْـتُ بـوجـود يـومـيّـة تَـصـدُر في الجزائر تحمل اسـم الـفـجـر، و أيُّ فـجـر! عندها، عادت بي الذاكرة إلى التّـقـالـيد العربـيّـة القديمة، في إطلاق الأسماء على الأضـداد، فليس كلّ من سمَّاه أبواه “الصادق” صادقًا، و ليس كلّ من سَمّياهُ “الصالح” صالحًا… بل إنّ العـرب كانوا يُطلقون الأسـماء الجميلة على عبـيدهم، و الأسماء القبيحة على أبـنـائـهـم.

ـ

طافـت بـنفسي بعض هذه المعاني، وأنا أُلـدَغُ مـرّتـين مُـتـتالـيـتـيـن، مِن صـاحـبـة الفـجر، ومن “رتـيـلـتـها” في رُكنها المُـريـب و الـغـريـب. لُـدِغْـتُ المَرّة الأولى من رتيلة بيت العـنكبوت { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ}. فـقد سجلت على صاحبة الركن المريب والغريب هذا، وبدون حق، حينما اتّـخذتني وسيـلة لِـنَـفْثِ ما في نفسيّـتِها مِن حقد وكراهية للإسـلام، فقَـوَّلتْـنِي مـا لم أقل، و بَنَت على مقدمات كاذبة لتصل – بالطبع – إلى نتائج كاذبة. وتَـرَدَّدْتُ في النُّـزول إلى مستواها، ثم بَعَـثْـتُ إلـيها بـحقّ الـرّد و التوضيح و التصحيح، ولكنّها جَبُـنَـتْ فَـلَـمْ تَنـشُر الـردَّ، و قُـلـتُ : “لعلّها تعاني أزمة الآفة الإيديولوجية الغربية، آفـة “الإسلامـوفـوبـيا” أي عُـقـدة الكراهـيّـة للإسلام، لعامل مخزون في ذاكرتها، وهي أعلم به. و عندما التقيت بها ذات يوم بعد ذلك وقدّمت لي نفسَها، لُـمْـتُـها على الكتابة بغير علم، والإحجام عن نَشر حقّ الرّد… فـاعْتَـذَرَتْ و قـالت لي بـعـبارتـها “صافية لبن”. وقُـلـتُ “عَـفا الله عـمّا سَلف”.

ـ

ولكنّني فوجئت بنفس “الرّتيلة” تلدغني مرّة ثانية في عدد الفجر المنشور بتاريخ 29 جانفي 2012 ص 23، و كانت المصيبة هذه المرّة أعظم، فقد أضافت إلى عقدة كراهيتها للإسلام، عقدة كراهيتها لـجمعية العلماء، و عُـقدة كراهيّـتها لـ “قـسّوم”، مُستعيـنةً في ذلك بِـــلاذع القول، ممّا يـزخر بـه قامـوسها المُـتَعـَفّـن، و لَـيـتَها بَـنَتْ هجومَها على معلومات صحيحة، لَـكُـنَّا احـتَـرَمْـنَا جُـرأتَـها، وإنِ اختلفنا معها في طرحها، ولكنّها كعادتها، أضافت جهلا جديدا إلى جـهلِها القديم بالإسلام، وبجمعية العلماء وبـ“قسوم”، فصار جهلُها جهلاً مركبًا…

ـ

لــقـد أَحْـرَجَـتْـني السيّدة  ” حـدّة حـزام “  حين اضطَـرَّتْـني إلى الخروج عن تـواضعي ونُـكران ذاتي، لأتحدّث عن شخصي، وخصوصياتي. ارتَـقَت صاحبةُ الــفـجـر مُرتقا صعبا هذه المرّة، حينما امتدت إلى الشرف الوطني، فاستخدمت مصطلحات مظلومة هي أكبر من قامتها، ومن عقلها، ومن قلمها…

ـ

و ما كنت لأعيرها اهتمامًا، لو أنّها اقتصرت على جوانب شخصية، فتلك هي دوما ضريبة النجاح والمسؤولية، ولكن ما الحيلة، وكاتـبة الرّكـن محسوبـة على الإعـلام، وتشرف على إعلاميّـين، فقد يعتبرونها نموذجـا في الإعلام لأقدميّـتها ومسؤوليّـتها.

ـ

كما أنّ هذه الصحف، بـغـثِّـها و سمـيـنها ستـتحوّل ذات يتوم إلى وثـائـقَ تـاريّـخيّة تَعـتمد عليها الأجيالُ القادمة من الباحثين في الحكم على تاريخ الـوطن والمواطنـين.

ـ

فَـأنَـــا – إذن – اكتب للتاريخ، للجيل الحاضر والأجيال اللاحقة، فأسجل حقائق أقذف بها على أكاذيـب صاحبة “الـفـجـر” راجـيا أن تستفيد هي أيضًا.

ـ

* التّـوضـيح و التّـصـحـيـح .

ـ

لا أوّد الخوض في تاريخ جمعية العلماء، فذلك تاريخ لا ينكره إلا أعـمى البصـر و البصـيرة، و هو تاريخ تجسّده أعمال لا أقوال، وإذن ما الحيلة، وعلى حدّ قول الأمير عبد القادر: ” لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر “.

ـ

وأعود –إذن- لأعالج العقدة “القسومية” في نفسية صاحبة “الـفـجر” فأضع أمامها الحقائق التّـالية، عساها تُـزيل – عنها – الغشاوة التي رانَـتْ على نفسها، و عـقـلها، و أبدأ بـتذكيرها بأنّ الكتابة أمانة ومسؤولية، فليس كلّ من له قلم كاتـبا، وليس كلّ ما يُـكـتب صالحا للقراءة.

ـ

وَ أُثَـنِّـي بـالاعتذار للقرّاء الكرام الذين سأحرجهم بالكتابة عن شخصي، ورائدي في ذلك قول الشّاعر:

ـ

إذا لم تكن إلاّ الألسنة مركبا

فلا يسع المضطر إلا ركوبها

ـ

لتُسجّل السيدة حـدّة حـزام في ذاكرتها إن كانت تبحث عن الحقيقة، وما أخالها كذلك؛ لتُسجّل الحقائق التالية، وأنا مسؤول عن كلّ كلمة أضعها:

ـ

1- لـقد نَشَأْتُ في بـيـئة ديـنـيّة، وسط أسرة مُصلحة و وطنـيّة، فرضعت حليب الوطنـيّة مع حليـب أمّـي، فكنـتُ مـنذ الطفولة أَتَـغَـنَّـى بـالأنـاشـيـد الـوطـنـيّـة التي لم تَـسْـمَـع بـها – قَـطـعًا – صاحبةُ الـفـجـر، وهـي جـزءٌ من ثـقافة صـوت الـوطن المُـفَـدّى لا “صـوت البـلاد” الـمــلـعــون.

ـ

و مِن هـذه الأنـاشـيد التي أحفظها و يحفظها غيري من أبناء جيلي في مدينة ” المغيّر “ نـشـيـد ” مُـحـمَّـد الـعـيد آل خـلـيـفـة “ شاعر الإصلاح في جمعية العلماء :

ـ

  صوت بعيد المدى هل يجاب    ناداكم للفداء بالرقاب

           إلى الفدا إلى الفدا يا شباب

ـ

و نـشيد ” عـلال الفاسي “، الشاعر المغربي :

ـ

إلى كم نعيش بدون حياة    و كم ذا ننام عن الصّالحات

فـواحسرتاه عـلى حـالـنا    وماذا استفدنا من الحسرات

ـ

و نـشـيـدٌ آخـر و هــو نـشـيـد :

ـ

بِـلادُ العُرب أوطاني   مِـنَ الشَّـام لِــبَـغْــدان

و مِـن َنجدٍ إلى يمنٍ   إلـى مِــصرَ فَـتِـطـوان

فـلاَ حَـــدٌ يُــبَـاعـدُنـا  وَ لَا ديــنٌ يُــفَــرّقُـــنـا

لسان الضَّاِد يَجمعُنا  بِــغـسّـان و عَـــدْنـــانِ

ـ

أَقُــولُ هـذا لِأَسْـتَـنِـدَ بـه إلـى أَنَّ هـذه البـيـئة الدّيـنـيّـة الـوطـنـيّـة الّـتي غُـذِّيــتُ بـأُكْـسُـجـيـنِـها هـي الّـتي حَـصَّـنَـتْـنِي ضِـدَّ دَاءِ فَـقْـدِ الـمَـنـاعـةِ الـوَطَـنِـيّـةِ، و أَكْـسَـبَـتْـنِـي المـناعة الضَّـروريّـة، لأَنْـخَـرِطَ فـي مَـنَاخ الثّـورة قَـبل ميلادها فَـضلًا عـن الانْـضِـمَـام إلـيها بـعـد مـيلادها.

ـ

2- إنّ أُسرتي –ولا فـخر – أسرة ثورية، يشهد لها الجميع في بلدتي، فقد نكبت أسرتنا من الاستعمار بتشريد أبنائها وحرق محصولها، والاستيلاء على إعانات من الدراهم لمغتربين أقارب، أُوتمن المرحوم والدي عليها، وبذلك نال كلّ واحد مِن الأسرة نصيبه من العذاب.

ـ

أ‌- انـخرط والدي في الثورة من أوّل يوم وتقلّد فيها المسؤولية، بعد أن أَقْسَمَ هو والذين معه، على المُصحف في المسجد على العمل من أجل الثورة حتّى الموت، وممن كان معه في هذا القسم، الشيخ العالم ” عبد المجيد حبة “، و الطالب الصادق الصائم، و الحاج عبد القادر فرميط – رحمهم الله – و الحاج العيد بن رمضان – أطال الله حياته – و جميعهم من أعيان ” المغيّر “.

ـ

ب‌- عندما اكتُـشِـفَ أمـرُ والـدي الحاج ” عبد الله قسوم – رحمه الله – أخذه المجاهدون إلى الجبل، ثُـم وَجدوا أنَّ سِـنَّـهُ لا تسمح له بحمل السّلاح، فربطوا بينه و بين أحد القـيَّاد الصّالحين الوطنـيّـيـن، و هو المرحوم الحاج ” بلقاسم بن فلاح “، قايـد مدينة أولاد جلال آنذاك (1957) فاستخرج لوالدي أوراق ازدياد بديلة، باسم عرعار محمد، من قبائل المنطقة، ليتمكن من مغادرة المنطقة، حيث كان البحث جاريا عنه، وبمختلف الوسائل.

ـ

ت‌- حكم على والدي بالإعدام غيابيا، من المحاكم الفرنسية، كما صعد أخي ” محمد الطاهر “ إلى الجبل للجهاد، وهو والحمد لله لا يزال على قيد الحياة، كما سجن أخواي المرحومان ” عمر وإبراهيم “، و أُعْـدِمَ ابن عـمّي ” العيد “ هو  و ” عبد الرّحـمـن جابـو “، لِـمُجرّد أنّه جاء لتـفـقُّـد دارنا بَـعد أن سمع بالمـصيبة التي حلّت بنا، وتشاء العناية الإلهية أن أكون يومها في العاصمة لجلب الأدوات المدرسية لمدرسة المغيّر الحرّة، فأُعْلِـمْـتُ بِـعَدَمِ الـدُّخول.

ـ

3- انعكست هذه الأجواء العائلية والبيئية على حياتي كلّها، كما سنرى، فقد سَـبق اكتشاف أمر والدي والخلية التي يشرفـ عليها، أَنْ رُشِّـحـتُ أنـا وصديقي المرحوم ” عثمان بوزقاق “ للانخراط في الثورة بطلب من الولاية الأولى، وجاء موفدا منها الضابط ” عبد السلام مباركية “، و لـعـلّه لا يزال على قيد الحياة –إن شاء الله-، فاكتشفنا أنه كان طالـبًا معنا في معهد عبد الحميد بن باديس فقضينا أيّاما وليالي معه في ” المغيّر “، يُـعَرِّفُ بالـثّـورة، و يَجمع العَـون، و لـمّا حان وقت عودته إلى موقعه طلب منا أن نبقى في المدينة للقيام بالعمل المدني إلى أن يحتاج إلينا، فيبعث في طلبنا.

ـ

4- وبـعد اكتشاف أمر الـوالد، وكنت كما سبق أن ذكرتُ في العاصمة، تغيرت الحياة بالنسبة إليّ، فبحـثت عن خيط جديد للثورة أرتبط به، بعد أن بدأت التعليم الحـرّ في مـدرسة عربـيّة، تـقع في حي بـئر مراد رايس، تُـدْعَـى ( مدرسة السنّية )، تَـحوَّلـتْ اليوم إلى مركز للكشافة الإسلامية.

ـ

أ‌- لقد تمكنت في العاصمة من العمل مع أربع ولايات، هي الولاية الأولى (عبد السلام مباركية)، و الولاية الثالثة (الشيخ محمد الطيب صديقي) نائب محمد ولد الحاج – رحمهما الله -، و الولاية الرابعة (المرحوم سي صالح نور) الذي كان رئيس محكمة الثورة آنذاك. والشهيد ( محمد الأخضر الأخضري ) الذي صار فيما بعد ” الرائد سي المختار “، الذي غَطّـيتُ خروجَـه إلى الجَـبل، بـخِـلافَـتي له بِضْـعَـةَ أيّـامٍ في المدرسة التي كان يُـعـلّـِمُ بِـها، و هي ” مدينة الصباح “ بــحَيّ القـصبة. و سي أحمد زيغم – أطال الله حياته – وسي الزبير الثعالبي – أطال الله حياته – وغيرهم، و الولاية السادسة (المرحوم موسى شهرة) الذي ربط أوّل اتصال لي بالثورة في ” المغيّر “ بـبـيـتِه مع المجاهدين: عميرة قرندي “ من بسكرة و “والي القطارى” من المغيّر.

ـ

ب‌- عندما اعـتُـقِل المـناضل ” يـاسف سعدي “، ومحاولة القضاء على الخـلايا العامـلة، قـدّمـت لـلأخ ” الزّبـيـر الثّـعالـبي “ خطة جديدة لإعادة تنظيم العاصمة في ضوء الأخطاء التي مكنت من اعتقال ياسف سعدي “.

ـ

ت‌- كُـنـتُ أوّزع المِـنَـح الشّـهريّـة – بـتَـكـلـيف مِـن الجـبـهـة – على أبتناء المجاهدين، والمساجين و الشّـهداء، في كلّ مِـن بئر مراد رايس، وحتى لاكونكورد، وسيدي يحيى، و سِجـلّ أسـماء العائـلات مـا زِلـتُ أحـتَـفِـظُ بـه إلى الـيوم.

ـ

ث‌- أشرفت على تنظيم امتحان شهادة الإبتدائية بمدرسة (حي تليملي) التي كان يُـديرها المرحوم الشيخ ” محمد منيع “، و كانت اللّـجـنة المشرفة تـتألّـف مِـن الشـيخ ” محمد منيع “، و الشيخ ” حسين فوايمية “من البليدة، و كاتـب هذه السطور عـبد الـرزّاق قـسّوم “. و مِنَ التلاميذ الذين شاركوا في هذا الامتحان ولا يزالون على قيد الحياة الفدائـية البطلة السيّدة ( جـميلة بـوبـاشا )، وأمام انقسام هذه الامتحانات بين مدرسة التهذيب التي كان يديرها المرحوم الأستاذ ” محمد الحسين فضلاء “، و مدرسة ( تـلـيـمـلي ) التي كان يديرها الشيخ ” محمد منيع “، فَـقَـدْ أوعـز إلَى المسؤولين فـي الجـبهة إلـى طلب تـوحيد الامتحان، وهو ما تمّ إذ أُشْـعِرَ المُـديـران بـذلك.

ـ

ج‌- كُـلِّـفْـتُ مِـن الجـبهة بـالإشراف على إذاعة مـحلـيّة كانت تـبُـث ّمِـن إحـدى عـمارات حيّ لاكـنـكورد بــبـئر مـراد رايـس، و كانت تَـبُـثّ في نـهايـة 1961م و بـداية 1962م، بالعربية والفرنسية، والقبائلية. و مِـن المشاركين فيها المشرف التقني سي أرزقي “، الذي كان يعمل بالإذاعة القبائلية، و الأخ الأستاذ  آيت حمودة “  محمد الأمين “ الذي تقاعد منذ سنوات من إدارة قناة القرآن الإذاعية متّـعه الله بالصّـحة، و الأستاذ ” فـاروق حميدشي “ الذي هو الآن أستاذ بكلـيّة الحقوق جامعة الجزائر.

ـ

5- كان المرحوم والدي يعيش متنكرا تحت اسم عرعار محمد، صحبة الشيخ عبد الحميد حبة، و الطالب الصادق الصايم، و الصحراوي محمد بن السامي –رحمة الله- على الجميع، كانوا جميعا يعيشون بأسماء مستعارة، بعد انكشافهم ويسكنون في فندق شعبي اسمه فندق “بلحفاف” يقع في الممر الواصل بين ساحة الشهداء ومسجد كتشاوة.

ـ

أ‌- كانت يومياتي في الثورة، تسير على وقع أحداثها، فـقَد تَـمّ زواجـي يـوم الأحـد الـفاتـح مِـن نـوفمبر 1959م، وكانت مراسيم ذلك بــمدرسة التّـهـذيب الواقعة بـحي “العين الباردة” و حضر الحفل معلّمو المدرسة و ألقى في الحفل الشيخ الحفناوي هالي – رحمه الله – و هو مِـن عـلمـاء جـمعـيّة الـعلماء قـصيدا تـخليدا للـمُـناسبة، لازلـت أحـتـفـظُ بـها إلـى الـــــــيوم.

ـ

ب‌- سَـمَّـيـتُ أوّل مولود لي ” نضال “ وذلك على إثر الخطاب الذي ألقاه ( دوغول )و طالبَ فـيه الجزائريين برفـع الرّاية البـيضاء حـتى أنّ بعض أصدقائي -آنذاك- خافوا علي فلاموني على اختيار الاسم، و لكن مـات ( دوغول ) وبـقي ” نضال “ و الحمد لله.

ـ

ت‌- لـو كـانت السيدة حـدّة حزام مُـنصفة و تواكب الحدث الثـقافي، لعـادت إلى جـريدة البصائر في عام 1956م، لـتجـد لـي مقالا منشورا بها، تحت عنوان: ” واقع الشباب الجزائري “، و أُحيلها و غـيرَها عـليه لتُحـلّـل النّـفسية التي كتـبت بـه.

ـ

و لو كانت من المتابعين للشأن الثقافي الجزائري، لوجدت في مجلة الآداب اللبنانية التي كان يشرف عليها المرحوم الأديب سهيل إدريس، مقالا لي بعنوان: “الأدب العربي يحتضر بالجزائر” أحطت فيه بالـلائمة على كتّاب الجزائر خاصة منهم بعض الذين كانوا يعملون بالإذاعة الجزائرية، وذكرت بالاسم مولود الطياب.

ـ

كما ألقيت بالمسؤولية على الاستعمار الفرنسي، الذي عمل على تجفيف المنابع، وقد كتبت لجنة مجلة الآداب عبارة ” تلقت الآداب هذه الرسالة من الجزائر بإمضاء ع-ا-ق و كان تاريخ صدور المقال في شهر يوليو عام 1961م.

ـ

ث‌- شاركت في مظاهرات 11 ديسمبر 1960م، بإعداد وكتابة الشعارات التي رفعت من المتظاهرين باللغة العربية والفرنسية، و تـمّ ترشيد الشعارات، فبعد أن كانت شعارات ساذجة مثل: ” الجزائر مسلمة “ و ” الجزائر جزائرية “ أصبحت الشعارات على النحو التالي على قماش كبير وبحروف كبيرة : ” تحيا الجزائر المسلمة ” ” شعب الجزائر مسلم ” “تحيا الحكومة المؤقتة” “تحيا جبهة التحرير الوطني”… إلخ، و قد كتبتُ هذا في بيتي بحي الأبيار، وأتيتُ به إلى حي بئر مراد رايس، حيث رفعه المتظاهرون، فغيّر معنى الوعي الوطني بالمظاهرات.

ـ

فـإذا كـانـت هـذه هـي ” ثـقـافـة صـوت الـبــلاد “ فأنا أستغفر الله… و لتـعـلم السيدة حـدّة حـزام أن مثل شـطـحاتـها الإعـلامـيّة لا تَـنطلي عـلَى أحـد، و أقــسم بشرفي كـمسلم أنّـي إلى هـذه السـاعة وبـعد أن بلـغتُ مـن الكِـبَرِ عـتـيّا، لازلـت لا أعـرف إن كـان يـوجـد ” صـوت الـبــلاد “، و لا مَـن كـان يـعمل فـيه أو يُـذيع مـنه.

ـ

وبَـــعْـدُ، فـهـذه يـا صـاحـبـةَ الفـجـر، أعـمالُـنا نُـقدّمها لله و للـتّاريخ و للـوطن، فـأين أقـوالـكـم من أعـــمالــــنا؟.

و إنّ المشاركة فـي الثّـورة لَـم نَـدخُـلها مِـن أبـواب المـناصب و المـكاسـب، و لكن وَصلنا إلـيها مِـن أبـواب المُـعاناة، و المـصاعب و المـتاعب…

ـ

و ذلك هو فـجرنا، و ما يطمئن ضمائرنا. فَـلـــيـخـرص الأفَّــاكـون، و الوَضَّــاعـون و المُـتـَقَـوِّلــون فـإنَّ الكـذب سـاعة، و إنّ الحــقَّ إلى قـيام السّـاعــة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى