مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

دولة "القانون" في عطلة مرضية ! / الأستاذ كمال أبوسنة

عندما تكون الدولة – في أي مكان – دولة القانون لن يقدر أحد مهما يكن منصبه على “التفرعن” وقيادة الناس بالعصا، ليوافقوا هواه، ويغضوا الطرف عن نزواته، ويطبقوا أوامره التي تخالف الحق، وتضرب بالقوانين عرض الحائط !
لأن الحاكم والمحكوم في الدولة التي تسيرها المؤسسات، كلاهما سواء أمام القوانين لا تفرق بينهما إلا الحقوق والواجبات، ولهذا فإن الحاكم إذا ظلم في دولة القانون محكوما ضعيفا مستغلا سلطته، كان الفيصل بينهما القضاء الحر الذي يضرب على يد الظالم، ويعيد للمظلوم حقه بغض النظر عن المناصب والمنازل.
لقد تابعت المنافسة الانتخابية بين “ساركوزي” و”هولاند”، فلفت نظري كيف كان “ساركوزي” -وهو الرئيس المنتخب صاحب النهج المتسلط، واليد الحديدية- صغيرا أمام “القانون”، إذ لم يستطع فرض نفسه ليكون رئيسا لفرنسا لعهدة ثانية، لأن الصندوق الذي يحميه القانون، قال له : “لا”، لا يمكنك أن تتحصل على عهدة ثانية، لأن غالبية الفرنسيين يرفضون ذلك !!!
ولهذا كان التداول على السلطة أمرا ممكنا، لأن فرنسا دولة المؤسسات لا دولة الأشخاص، فالحاكم يختاره المحكومون، ويرفضونه إذا تبين لهم أنه غير صالح لتسيير شؤونهم، وقيادتهم إلى مستقبل زاهر…!
أما الحاكم عندنا فهو “القانون” نفسه، يفعل ما يشاء، ولا يُسأل عما يفعل، ويُعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده “الحكم”، وله العهدة الأولى، والثانية، والثالثة، و… و… و، ومن أجل ذلك يرضخ القانون و”أبو القانون” له، ومن المضحكات عندنا مثلا أن لـ”القانون” أياما للراحة والعطلة ” les Jours de Congé” وهذا نلحظه أيام إجراء مقابلة كروية بين فريقين في العاصمة، حيث يغيب “قانون المرور” الذي يُنتهك أمام أعين الشرطة التي تنفذ أوامر فوقية بعدم اعتراض طريق المخالفين، لأسباب سياسية معروفة في زمن “ثورات الربيع العربي”، وفي اليوم الثاني يعود “القانون” إلى العمل بعد عطلة، وهذا لا يحدث إلا في البلدان التي لا تحترم القوانين، وتضع الدساتير لتُخالف جهارا نهارا..!
إن الديمقراطية الحقة هي التي يصنعها “القانون” الذي يحترمه الجميع حاكما ومحكوما، وله السلطة المعنوية والمادية التي يتم تقديرها في كل مفاصل الدولة..!
مشكلتنا في الجزائر أن 40 مليون جزائري، كل فرد منهم في رأسه قانونه الخاص به ، ويوم يلتزم الجميع بالقانون، بدءا من “الحاكم” إلى أبسط محكوم، ستتغير كثير من الأشياء السلبية، وسنصل إلى ما وصل إليه غيرنا من الدول والشعوب التي تحترم القوانين والدساتير، ويكون هناك تداول على “السلطة” من غير كلمة “ارحل”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى