شعبة الدار البيضاء : ندوة "المشاريع الرسالية"
نظمت شعبة الدار البيضاء لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم السبت 13 جمادى الثانية 1433 ه الموافق لب05 ماي2012 ندوة بدار الشباب بالحميز بعنوان : المشاريع الرسالية. و قد اقترن تنظيم هذه الندوة بالذكرى الواحدة و الثمانون لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين على يد العلامة الإمام عبد الحميد بن باديس و الإمام البشير الإبراهيمي رفقة مجموعة العلماء الأفاضل الذين قدر الله اجتماعهم في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر التي صادفت احتفالات فرنسا الاستعمارية بالذكرى المئوية لاحتلال الجزائر.
بعد قراءة آيات من كتاب الله العزيز، كان أول المتدخلين الأستاذ محمد أوزار مستشار في تقنيات المؤسسات، الذي كانت مداخلته بعنوان: المشاريع التجارية الرسالية. و قد تمحورت حول شقين: تمثل الأول في محاولة نظرية لتصنيف المشاريع الرسالية، أما الشق الثاني فقد تناول نموذج تطبيقيا في احدى البلاد المسلمة ( تركيا ) من خلال مشاريع الجماعة النورسية.
في بداية المحاضرة وضع الأستاذ أوزار الحاضرين أمام الإشكالية التي تحوم حولها مجمل هذه المشاريع و هي إشكالية التغيير التي من أولوياتها إعداد الناشئة الصالحة المتميزة، فذكر المحاور الأساسية التي تقصدها العملية التغييرية و تعتبرها هدفا أساسيا لها و هي بعبارة أخرى تمثل الفضاءات المتنوعة التي يتواجد فيها جيل الناشئة و التي تتطلب مشاريع رسالية تهدف إلى إنشاء الجيل الصالح الذي ينطلق على عاتقه بناء النهضة المنشودة. و تتمثل هذه المحاور في: التربية ( المنزل) – العبادة (المسجد) – التعلم ( المدرسة) – الترفيه ( كل الفضاءات المعنية بهذا الجانب).
و أكد الأستاذ أوزار على أنه لو وجدت مشاريع في كل هذه المجالات لتم تغطية مجمل الفضاءات، و لأصبح الطموح إلى تكوين جيل صالح أمرا مشروعا.
انتقل بعدها الأستاذ إلى تعريف أنواع المشاريع التجارية و التي قسمها كالتالي:
– ربحي: الذي يولي أهمية للربح، فالجانب المادي هو وحده المعتبر في هذا النوع.
– اجتماعي: الذي يولي أهمية للخدمة الاجتماعية، فالجانب المعنوي هو المقصود.
– رسالي: و هو الذي يساهم في أداء رسالة، يكون فيه الجانب المعنوي ذو اعتبار كبير أما الجانب المادي فهو موجود دون أن يكون مطلوبا.
لخص الأستاذ المحاضر خصائص المشروع الرسالي في وجود الهدف الرسالي للمشروع، التزام الجانب الأخلاقي، الفعالية و الاحترافية في الإنجاز و التأكيد على الجانب المعنوي ، و انتقل بعدها إلى المجالات و المحاور لإنجاز المشاريع الرسالية، و هي:
- العبادة / التزكية.
- التعليم / التربية.
- الإعلام / النشر.
- التثقيف / التسلية.
في هذا الإطار أشار المحاضر إلى الثقافة السائدة في المجتمع و التي تفضل الإنفاق في الموارد المادية على الانفاق من أجل الموارد البشرية. فقد تجد بسهولة من يقوم بتجهيز مسجد أو مدرسة قرآنية، في حين لا يتيسر الأمر إذا تعلق بتغطية نفقات حضور ملتقى أو إعداد دراسة، و هذا يستدعي جهودا لتغيير هذه التوجهات و الذهنيات الموجودة.
و كان محور التربية و التعليم قد أخذ الجانب الأكبر من تركيز الأستاذ أوزار، بحيث أنه يمنح فرصا كبيرة و طموحة من أجل تكوين الناشئة، و أشار الأستاذ إلى أن التعليم غير المجاني لا ينبغي أن نجد فيه حرجا بالنظر إلى الثقافة السائدة و التي لا ترى في المشروع الرسالي التعليمي إلا أن يكون مجانيا. و شدد المحاضر على أن القوانين في الجزائر تفتح المجال واسعا لكل من يريد الدخول في هذا الميدان، و يتعلق الأمر بالقطاعات التالية:
- التعليم النظامي العام (ابتدائي – متوسط – ثانوي)
- التكوين المهني – اللغات – التنمية البشرية.
- التعليم العالي.
- دور الحضانة.
- الدعم الدراسي.
أما في مجال الإعلام و النشر فقد عدد الأستاذ المجالات التي من الممكن ان تقوم فيها العديد من المشاريع الرسالية:
- دار النشر : الكتب، المجلات و الصحف.
- النشر الإلكتروني: أقراص – مواقع انترنت.
- سلسلة مكتبات نموذجية لبيع الكتب و لواحقها.
- مكتبة لإعارة الكتب و المطالعة تكون تابعة لدار نشر.
- السمعي / البصري: التفكير و الاستعداد (قانون الإعلام الجديد 2012).
أما مجالات التثقيف و التسلية فتكون من خلال:
- وكالة السياحة و الأسفار: تأطير المخيمات، النزهات الترفيهية، سفريات الشباب إلى الخارج…
- انشاء مساحات التسلية و الترفيه: السباحة، ركوب الخيل، الرماية…
- السياحة البديلة: مشاريع متميزة، منضبطة بالشرع مفتوحة للجمهور.
تطرق بعدها الأستاذ المحاضر إلى كيفية إنشاء المشاريع الرسالية فذكر جملة من النقاط تساعد على توجيه المهتمين بذلك:
- المبادرة الفردية البحتة.
- المساهمة في رأس المال الإبتدائي.
- الشراكة في رأس المال.
- العضوية في مجلس الإدارة: التفريق بين رأس المال و التسيير.
- المشاركة في التسيير.
- المشاركة في النمو.
كما أشار إلى الهياكل التي تسمح و تساعد على تسيير المشاريع الرسالية و متابعتها و يمون ذلك من خلال:
- منتدى رجال الأعمال
- مكاتب الدراسات و الاستشارات
- صندوق دعم المشاريع الرسالية.
انتقل المحاضر بعد ذلك إلى الجزء الثاني و الذي تناول من خلاله التجربة التركية للجماعة النورسية ففصل في العديد من المشاريع التي قامت بها خصوصا في الجوانب التالية: التعليمي، الإعلامي، الطبي و غيرها.
المحاضرة الثانية كانت من تقديم الأستاذ محمد سالي مستشار اقتصادي و كانت بعنوان: بطاقة تقنية لمشروع من أجل حجاب شرعي، و تعتبر امتدادا للمحاضرة السابقة أو جانبا تطبيقيا للمشاريع الرسالية، و قد أعد هذا المشروع القسم العلمي للمكتب الولائي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ببرج بوعريريج.
في مستهل محاضرته قدم الأستاذ سالي المبررات و الدوافع التي كانت وراء إنشاء هذا المشروع و التي تتمثل أساسا في الواقع الأخلاقي المتدهور في المجتمع، كما أن هذا المشروع مستمد من القانون الأساسي للجمعية، كما يعتبر مشروعا دعويا تربويا خيريا ربحيا و يحمل شقين أساسيين:
- الدعوة و التوجيه: الدعوة للحجاب.
- توفير الحجاب الشرعي: بكل الأذواق و الألوان.
ذكر الأستاذ الخطوات التنفيذية للمشروع من خلال إعداد استمارة تم إنجازها باستشارة مختصين في علم الاجتماع، و حملت مجموعة من الأسئلة، بحيث أفضت الدراسة إلى معرفة جوانب عديدة مرتبطة بالحجاب و موقعه في المجتمع مما مكن من مباشرة تنفيذ المشروع. لا ننسى أن نشير إلى أن المشروع واجع العديد من العوائق باعتراف القائمين عليه.
المحاضرة الثالثة كانت من تقديم الأستاذ حاجي مخلوف تطرق من خلالها إلى التجربة و النشاط الدعوي و الخيري في منطقة عين الحمام و قد قسمه إلى محورين:
- نشاط موسمي: مرتبط بالمناسبات المختلفة.
- نشاط دائم مستمر: من خلال مشاريع مختلفة.
و قد ذكر جملة من المشاريع في مجالات خيرية، اجتماعية، طبية/صحية و غيرها.
بعد ذلك فتح باب النقاش، فطرح الحضور بعض الأسئلة منها سؤال وجه للأستاذ أوزار عن الجمهور المستهدف بالمحاضرة و هم رجال الأعمال بحسب السائل، فأجاب الأستاذ بأن الاستفادة لا تقتصر على هذه الفئة و إنما الكل معني بذلك، و أضاف أحد المتدخلين بأن الفروض الكفائية يقوم بها البعض فيسقط الإثم عن الكل، و الواجب على الجميع هو ايجاد هذا البعض. و أن الشاطبي يذكر بأن من واجب الناس عامة إيجاد الفئة القادرة على تأدية الفروض الكفائية.
في الختام الشكر موصول لجمعية العلماء ممثلة في شعبة الدار البيضاء و للمحاضرين على تنظيم مثل هذه الندوات خاصة فيما يتعلق بمثل هذه المواضيع الجديدة و الأصيلة. و لا يفوتنا أن نشير إلى تأكيد المنظمين على ضرورة متابعة هذه الندوات بتجسيد بعض المشاريع لينتقل الأمر من النظرية إلى التطبيق و يكون دافعا للمزيد من الإنجازات.