التعريف بالجمعية

 

من نحن؟

 

نَـــحْــنُ حَـــرَكَةٌ دَعـــَوِيَّـــةٌ إِسْـلَامِــيَّــةٌ، أَطْـلَــقَ عـلـــيها مؤسّــسُـوهــا الأوائـِـل اسْــمَ “جَــمْــعِـيَّـةُ الْـُعُـلَـــمَــاءِ الْـمُـــسْلِــمِـيـنَ الــجَــزَائِــرِيّـيــنَ”، هــــكذا تـسمــيةٌ مشكّـلةٌ مـــن أربَـــعِ مـــفـردات.

فَــهِـي جَــمـْـعِـــيَّــةٌ لتمَيُّـــيـــزها عـن الأحــزاب والـنّــقــابات، إذ لا يُـوجــد فــي الـقــوانـيـن الوضـعـيّة المـتـاحة، غَـيـرَ هــذه التَّـــسْـمِـــيَّـات.

و الـعُـــــلَــــــــمَـــاء إعـتـقـاداً مــن روادهــا الأوائــل، أَنَّ عَــمــلـيَّـة الإصـلاح والتَّــغْــيِــير تـَـبْــدَأُ دائـــماً مـن نَــخْـبِ المُــجْــتَــمَــعِ و قِــيَــاداتِــــه الفِــكْــرِيّــة و الـثّــقَـــافِــيَّــة، وتَــتَــمَــدَّدُ فــي ســاحــات المـجــتـمـع بـفــضـل جُــهــودِ المُــصْـلــحــيــنَ الــعَـامِـلــيــنَ.

و الــمُــسْـلِـمِـــيــن، لـربـطـهـا بـمـخـزونـها العَـقَـدي و امــتـدادها الطَّــبــيــعـيّ العـربـيّ الإسلامــيّ، وفـصـلـهـا عـن مـركـزيَّـة الـغــرب و غـايـاتِــه الاستـعـمـاريَّــة، ولـذلك اتَّــخَـذَت لـنـفـسـهـا شِــعَــار “الإسْــلاَمُ دِيــنُـنَـا و العَــرَبـيَّـــةُ لُغَــتُــنَــا و الـجـزائـر وطننا.

و الجــزائـــريّـــيــن؛ لأَنّـَــهَا جَـــزَائِريَّـــةُ المَـنْــشَــأِ و الــــحَـرَكَــــةُ، وهي وإن كانت تؤمن بالمصير المشترك بين أطــراف الأُمَّـــةِ الإسْــلامِـــيَّــة و أهــدافــها، إلا أنّــها تــعــتـقـد أنَّ واجــبـات الأمَّــة مُــوزَّعَـــة على أطــرافها كُــلٌ حَــسْبَ قُـــدراتِــه و إمـكانـاتِــه، ولـكنَّ ثِــمَـارهــا تَــعُــودُ عــلى الجـمـيــع بـالـخــــــيـر.

أُنْــشِــئَــتْ جَــمْعِــيَّـةُ الْـعُــلَـــمَـــاءِ الْمُـــسْـــلِـمِــيـــنَ الْــجَـــزَائِـــرِيّــيـــنَ سـنة 1931م استجابةً لنداء الله سـبحانـه (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران 104]، وتفاعلا مع حاجة الأمة الحضارية، وتسجــيلا لـلـــحــضور الإســلامــي المــسـتــقل عـلى المسـتوى الــدولـي، عـنــدما فَـــقَــدت الأمَّــةُ آخر معاقلها المُــؤَسَّسَاتِــيَّـة بــسـقوط الخـــلافـة الإســلامــيَّــة.

جَــمْــعِــيَّــةٌ إسـلامِــيَّــةٌ فـــي سَـيْـرهَـا و أَعْــمَــالِـــهَا، جَـــزَائِــريَّـــة فــي مَـــدَارِهــا و أَوضَــاعِـــهــا، عِــلْـمــيَّــةٌ فـي مَــبَـدئــها و غـايـتـها، أُسّسَت لـغـرض شــريـــف، تَــسْـتَـدْعِـيـهِ ضَــرُورَةُ هــذا الــوَطــن و طــبــيــعــةُ أهــلِـــهِ، تـحـقـيــقًـا لـلتَّــنْــمية و تـحصـيـنـًا للاسـتقــلال فــي جــميع الـمـجــالات و عـلـى كُــلّ الأَصْــعِــدة.

فــهي جمـعــيّةٌ لَيْسَت بَدِيـــلاً لأَحـــدٍ مـــن النّــــاس أو جِــهَــــةٍ و لا مــنافـســة لغيرها من القوى الاجتماعية العاملة  – رسـمـيّــة وشعـبـيّـة -، وإنّــمـا هــي مُــثَّـــمّـــنَـةٌ لــكُـلّ جُــهْــدٍ نــاجِــحٍ مُــكَمّــلـةٌ لــه ومُـكْـتَمِـلَـةٌ بــه.

(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة 105]

النَّــشْـأَةُ وَ المَــسَــار

 

بِـــــــــــــــسْـمِ اللهِ الــــــــــــــــــرَّحْــــمَــنِ الـــــــــــرَّحـــــــيـــــم

 

جَــــمْـــعِـــيـَّــةُ الــعُـــلَـــمـَـــاءِ الـمُـــسْـــلِـمِـــيــــنَ الــجَـــزَائـِــرِيـّــيـــــنَ

الإســلامُ دِيــنُـــنُـا – الــعَــرَبِــيَّـةُ لُــغَــتُــنَــا – الــجَـــزَائِـــرُ وَطَـــنَــــنَـــا

الــتَّــأْســيــــس:

ـ

 تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في يوم الثلاثاء 17 ذي الحجة 1349هـ، الموافق لـ 5 ماي 1931م، بنادي التَّرقي، بالجزائر العاصمة.

ـ

الهـــيـــئـة الإداريّــــــــــــة:

ـ

تــتــكـوّن الـهـيـئـة الإداريّــــة لـجـمـعـيّـة الـعـلـمــاء الـمــسـلـمــيــن الـجــزائــريّـيــن، عـنـد تـأسيـسـها، مـن الـسّـادة الأسـاتــذة : عبد الحميد بن باديس- محمد البشير الإبراهيمي- الطيّب العقبي- محمد الأمين العمودي- مبارك الميلي- إبراهيم بيوض- المولود الحافظي- مولاي بن الشريف- الطيّب المهاجي- السّعيد اليجري- حسن الطرابلسي- عبد القادر القاسمي- محمد الفضيل الورتلاني.

ـ

مــــــكــتــــب الــجــــــمــــعـــيّــــــــة:

ـ

انـتـخـبـت الـهـــيــئـة الإداريّــــة لـلــجــمــعـيّــة مكتبها فـي الـيـــوم الـثّــــانــي للــتّـأسيس، و ذلـك عـلى الـنّـــحـــو الآتـــــي:

ـ

–        عــــبــــــد الــحـــــــمــــيـــــد بــــن بـــاديس: رئـــــــــيـــســًا.

–        محمَّد البشير الإبراهيمي: نــائــبًا للـــرّئـــيـــس.

–        الأمــــيــن الـعـمــودي: كـــاتـبـاً عـــامًّـــــا.

–        الطـــــيّب العـــقـبـي: مـساعــدًا للــــكـاتـــب الـعــــامّ.

–        مـبـــارك الـمـيـــلـي: أمـــيـــنًـا للــــمـــال.

–        إبـــراهـــيــم بـــيــوض: مـــســـاعــــدًا لأمـــيـــن الـمــــال.

ـ

الخِطابُ الأول:

ـ

ألقى الشيخ عـبـد الـحـمـيـد بـن بـاديــس في اليوم الثالث لتأسيس الجمعية، بـصـفـتـه رئيساً مُنتَـخَبـًا لـهـا، خِطابا تكلّم فيه عن الجمعية ومقاصدها، فذكَر من تاريخها أنها فكرة قديمة دعا إليها الكُتَّاب في الصحف العربـيّـة الـجـزائــريّـــة، وتداولها المفكِّرون بالبحث في المحافل الخــاصّــة والعــامّـــة، وكــتَــب فـــيــها كـــتّـاب الشّهــاب عــدّة مـقــالات؛ واحتاجت الفكرة إلى رجل أو رجال ذوي إرادة ولإقدام، لإخراجها من القول إلى الفـعـل، حـتّى قـيَّـض الله هــؤلاء الـفضـلاء أعـضــاء اللجنة التأسيسيّـة، فـكان فـضْل العمل مدَّخراً لـهـم، كـمـا كـان فـضـلُ التّـفـكـيـر والـقـول لـكُـلّ مَــن فَــكَّـر فـي الــمــوضـوع وقــال.

ـ

وذكَر من مقاصدها جمْع شمل هذه الطائفة المتفرقة، لتتعاون على ما هي مـهــيّـأة لــه مــن نُـصح الأمّـة وإرشادها لما ينفعها في دينها ودنياها. وإنَّ مِنْ مقاصد الجمعية -كذلك- توحيد عرى الإخاء بين أبناء هذه الطائفة، وحملهم على نبذ أسباب الشقاق واطراح دواعي التفرّق بينهم، ونسيان كلّ ما هبَّت به الأفكار، ممّا يدعو إلى فرقة أو عصبية.

ـ

إنَّ التّعارف الذي حصل اليوم بين أبناء هذه الأسرة النبيلة هو ثمرة باكرة لهذا الاجتماع، ذلك التعارف الذي طالما ناشدْناه، ولقد كان أمنية في النفوس، فأصبح حقيقة واقعة، وأمرا ملموسا.

ـ

و فــي خِــتـام خِــطــابــه المُرتَـجَــل، حـــثَّ الرئيسُ ابنُ باديسَ الـعُـلـــمـــاءَ، وحضَّهم على مؤازرة الجمعية وتشهيرها وتحبيبها للعامة، ليكون لها من النفع بمقدار ما يكون لها من السلطان على النفوس، وإنّــما هـو سلطان كــتاب الله و سُــنّــة رسـولــه، وأن يـكـون شــعـارُ الـجـمـعـيّــة التّــــواصـــي بـالــحـــقّ، والتواصي بالصبر.

ـ

دعوة الجمعية وأصولها :

ـ

مقاصد الجمعية:

ـ

مـــــقــاصــد الــجــمــعـــــيّـــة تــــرجـــع إلـــى ثـــلاثـــــة أمـــــــــور :

ـ

1-   الـمــســـاجـــد و مُــــوظَّـــفُــــوهــــا و أوقـــــافــــــها.

2-   التّــعــلــيـــم الــعـــربــيّ و مـــدرسُّـــوه ومُــعـلّــمــوه.

3-   القـــضـــاء الإســـلامـــيّ و تـــعــلــيــمــه و رجـــالـــه.

ـ

اعـتـبـرت جــمـعـيّـــة العلماء المسلمـيـن الـجـزائـريـيّـن نـفـسَـها – مـنـذ تـأسـيـسـها – بـحـُكْـم أمـانـة الـدّيــن، و عــهــد الله، و شهادة الـواقــع، مســؤولــةٌ عــنـد الله، و أمـام الأمّــة الجـزائـريّــة، عـن الإسلام و مـعابـده، و تـعـلـيـمـه، و لـغـتـه، و جميع شعائره الحـقـيّــقـيّــة، و أحـكـامـه القـضـائـيّـة.

ـ

و تُــــعـلـم أن الحكم القاطع في الإسلام في مسألة المساجد هو أن التصرّف فيها لجماعة المسلمين، وكذلك الشأن بالنسبة لشؤون الأئمة.

ـ

و الـوَقْـــفُ الخـيـري في الإسـلام مـا شُرع إلا ليقوم بواجبات دينية واجتماعية، كالإنفاق على المساجد وعلى القائمين عليها من غير احْتياج إلى الخزينة العامة.

ـ

وَ عَلَى هَــذَا الأَسَــاسِ تَـعْـتَــبِـرُ جَـــمْــعِــيَّـــةُ الــعُـلُـــمَـــاءِ كُــلَّ تَــدخُّـلٍ حُكُومِيّ فِــي هَــذِهِ الأُمُــورٍ ظُــلْــماً وَ تَــعَــدِّيـاً وَ هَــدْمــاً لِــمَــبْـدأ احْــتِــرَامِ الأَدْيَـــان.

ـ

نهضة التَّعليم العربي الإسلامي :

ـ

إنّ جـمـعـيّة الـعـلمـاء الـمـسـلـمـيـن الجـزائـريّـيـن لعبتْ دوْراً بالغ الأهمية في المحافظة على الثقافة العربية، ونشر التعليم العربي الإسلامي، على نِطاق واسع، حيث شملتْ مدارسها كافة المناطق الجزائرية.

ـ

ثــــلاثـــة مـــيـاديــن مــتـنـوِّعـــة و لـــكــنَّــها مــــتــكــامـــلــــة:

ـ

1-   الــمــيــدان الــعـــلـــمـيّ.

2-   الــمـــيــدان الــدّيـــنــــيّ.

3-   المــيــدان الـتــهـــذيـــبــــيّ.

ـ

مؤسسات التعليم والتثقيف والتّهذيب :

ـ

1-   الــمـسـاجـــد.

2-   الــمــدارس.

3-   الــنّـــوادي فــي الــجـــــزائـــر و فــــرنـــسا.

ـ

غــايات كُـــبـــرى تـــحـــقّــقــــــــت :

ـ

ـ

                 يا نشء أنتَ رَجاؤُنا          وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ

                 خـذْ للحيـاةِ سِلاحَهـا          وخُضِ الحروبَ ولا تَهَبْ

                                                                                             *عبد الحميد بن باديس*

 

صمود الجمعية أمام الاستعمار:

الهدفُ الأسمى للجمعية إصلاحي تحرُّري:

سلكتِ الجمعية بثبات وصمود وعزْمٍ طريقها من أجلِ تحقيق هذه الغاية الكبرى، واتّخذتْ لذلك وسائل وأساليب كثيرة:

محاور الصِّراع والمقاومة:

                          فَدُوموا على العهْـدِ حتَّى الْفنَـا

                                          وحتَّى تَنالوا الحقــوقَ السَّنيِّـةْ

                          فضَحّــوا، فهـا أنـا ذا بيـنــكُـمْ

                                          بِذاتي وروحــي عليكـمْ ضحِيَّةْ

الجمعية ووسائل الدعوة:

الميدان الصحافي:

مواجهة لمكايد الاستعمار، وتبليغا للدعوة إلى كافة الجزائريين، قرّرت الجمعية الاعتماد على ميدان الصحافة، تأسِّياً بالشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أنشأ جريدتي “المنتقد” ثمَّ “الشهاب” قبل تأسيس الجمعية.

الصّحف التي أنشأتها الجمعيّة:

عبد الحميد الصّحفي يوجِّه:

«أما أقلام كُتّاب “البصائر” فيجِبُ أن تشرح الحقائق الكلية من دينية وعلمية، وتبيّن الحق بدلائله وشواهده وتسميّه باسمه، وتشرح الباطل وتفضحه بشبهاته وأوهامه، بما نعهده فيها من نصرة الحق والغضب له.

إننا لا نريد التضييق عليكم -أيّها الكُتّاب الكرام- وإنما نريد إلفاتكم إلى الميادين الفسيحة والمراعي الخصيبة، وتوجيهكم إلى ناحية التفكير العميق، والبحث المُنتج، فأمامكم من المواضع ما تنفد الأعمار ولا ينفد».

جمعية العلماء حركة إصلاحيَّة:

الحركة الإصلاحية في الجزائر قادها الإمام عبد الحميد بن باديس، وسلكتْ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين منْهج الحركات الإصلاحية الإسلامية التي ظهرت في عددٍ من البلدان الإسلامية، برئاسة هذا المصلح الجزائري الفذ.

الحركات الإسلامية الإصلاحية:

من مميِّزات الحركة الإصلاحية الباديسيّة:

ابن باديس وجمعيَّتُهُ واجَها قوَّتين عظيمتين:

قال ابن باديس: «وما أعداؤُك إلا الذين وقفوا لك في طريق الحياة والتقدّم، فقد عرفتهم وعرفوك، أفسدوا عليك أبواب الرزق والعلم، وسلبوك الحرية والثروة، واستغلّوك كما تُستغلُّ الحيوانات العجماء، بلْ أشدّ وأشرّ».

جمعية العلماء والقضية الوطنية:

لقد ظلّ ابن باديس ورفاقه منذ تأسيس جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين يُدافعون عن حرّية هذا الوطن واستقلاله.

«إنَّ الاستقلال حقّ طبيعيّ لكلِّ أمة من الأمم، وقد استقلّتْ أممٌ كانتْ دوننا في القوة والعلم والمنعة والحضارة… مِن الممكن أن يأتي يوم تبلغ فيه الجزائر درجة عالية من الرقيّ المادي… وتصبح مستقلة استقلالا واسعاً، تعتمد عليها فرنسا اعتماد الحرّ على الحرّ».

في عام 1937م، أعْلنَ ابن باديس عن دعوتهِ الصريحة إلى الكفاح، في النشيد الخالد: “شعب الجزائر مسلم”.

                                    وأذِقْ نفوس الظّالـمين

                                              السُـمَّ يُمـزج بـالـرَّهـبْ

                                    واقلعْ جذور الخائنيــن

                                              فــمنهـم كـلَّ العـطــــبْ

                                    هـذا نــظـامُ حـــياتـنـــا

                                              بالنــور خُطّ وبـاللَّهــبْ

                                    فإذا هلكــتُ فصيْحـتي:

                                              تحْيا الجزائر والعــربْ

في شهر جوان 1954م أصدر المجلس الإداري للجمعية بلاغاً أعلن فيه يأسه من استجابة المستعمر لمطالبه.

وجَّه مكتب الجمعية –عند اندلاع الثورة- بيانا نُشِر في الصحافة المصرية يوم 3 نوفمبر 1954م، جاءَ فيه:

«إلى الثائرين الأبطال.. اليوم حياة أو موت.. بقاء أو فناء.. حيَّاكم الله أيّها الثائرون الأبطال.. وبارَك في جهادكم، وأمدَّكم بنصْرِه، وتوفيقه، وكتب ميِّتكم في الشهداء الأبرار، وحيَّكم في عباده الأحرار».

وفي 15 نوفمبر 1954م، صدر عن مكتب الجمعية بالقاهرة نداءٌ إلى الشعب الجزائري، عنوانه: “نُعيذكُمْ بالله أنْ تتراجعوا” جاء فيه على الخصوص:

«إنكم مع فرنسا في موقف لا خيار فيه، ونهايتُه الموت، فاختاروا ميْتة الشرف على حياة العبودية التي هي شرّ من الموت».

«…فسيروا على بركة الله، وبعونه وتوفيقه، إلى ميدان الكفاح المسلَّح، فهو السّبيل الوحيد إلى أحدى الحسنييْن: إمَّا موت وراءه الجنّة، وإمّا حياة وراءها العزّة والكرامة».

                 يا نشء أنتَ رَجاؤُنا          وبِــكَ الصَّبــاحُ قدِ اقْتَربْ

                 خـذْ للحيـاةِ سِلاحًهـا          وخُضِ الحروبَ ولا تَهَبْ

الرؤساء الأربعة

 لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين:

 

الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس.

الرئيس الثاني: محمد البشير الإبراهيمي.

الرئيس الثالث: احمد حماني

الرئيس الرابع: علي مغربي

الرئيس الخامس: عبد الرحمن شيبان

الرئيس الحالي: عبد الرزاق قسوم

نبذة عن حياة الرئيس الأول: عبد الحميد بن باديس:

 

مولدُه:

وُلد عبد الحميد بن باديس في ليلة الجمعة 1308هـ، الموافق لـ 4 ديسمبر 1889م، في مدينة قسنطينة.

أبوه:

هو مصطفى بن مكي بن باديس، من حملة القرآن الكريم، ومن أعْيان مدينة قسنطينة.

أمُّه:

هي زهيرة بنت علي بن جلول، من أسرة مشهورة في قسنطينة بالعلم والجاه والثراء.

عائلتُه:

عائلة عبد الحميد بن باديس مشهورة في الجزائر وفي المغرب العربي، فقد لعبتْ دورا بارزا في تاريخه، سياسيّا وعلميّا ودينيّا.

فقد أسندَ الخليفة الفاطمي “المعز لدين الله” السلطة على إفريقيا والمغرب الأوسط (الجزائر) إلى الجدّ الأول لأسرة ابن باديس، وهو الأمير: “بلكين بن زيري بن مناد”، وهو من قبيلة صنهاجة الأمازيغية البربرية.

تعليمُهُ:

حفِظ القرآن الكريم، وسنّهُ ثلاثة عشر عاما، ثمَّ أخذَ مبادئ العلوم العربية والدينية من الشيخ أحمد حمدان لونيسي.

سافر إلى تونس عام 1908م، لاستكمال تعليمه الثانوي والعالي، بجامع الزيتونة المعمور، ومكث فيه، مُقبِلا على العلوم -بشغف كبير- إلى أن نال شهادة “العالمية” سنة 1912م.

وكان عبد الحميد بن باديس معروفا بين زملائه وأساتذته بالجِدّ والعمل والاجتهاد في تحصيل العلم، كما كان مشهورا بالاستقامة، والخُلق الكريم، والمواظبة على أداء الفرائض الدينية، والبعد عن مواطن الزلل والشبهات.

أساتذتُهُ:

الشيخ محمد المداسي- الشيخ أحمد أبو حمدان لونيسي- الأستاذ محمد النخلي القبرواني- الأستاذ محمد الطاهر بن عاشور- الأستاذ محمد الصادق النيفر- الشيخ سعيد العياضي- الأستاذ محمد بن القاضي- الأستاذ محمد بلحسن- الأستاذ بشير صفر.

رحلاتهُ:

تطلَّعتْ نفسُ ابن باديس للقيام برحلة دينية وعلمية طويلة، فحجَّ سنة 1913م، وأقام في المدينة المنورة مدّة، حيث التقى بشيخه أحمد حمدان لونيسي، والشيخ محمّد البشير الإبراهيمي، والشيخ حسين أحمد الهندي.

وفي طريق عودته من الحجاز، زارَ سوريا ولبنان ومصر، واجتمع برجال العلم والفكر فيها، واطَّلع على أساليب الدراسة في الأزهر الشريف.

شخصية عبد الحميد بن باديس:

العوامل التي كوَّنت شخصيته:

خصوبة الشخصية:

قال رفيقه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، مُجْمِلا الجوانب المتعددة من شخصية عبد الحميد بن باديس:

«باني النهضتين: العلمية والفكرية بالجزائر، وواضع أسسها على صخرة الحق، وقائد زحوفها المغيرة إلى الغايات العليا، وإمام الحركة السلفية، ومُنشئ مجلة “الشهاب” مرآة الإصلاح، وسيف المصلحين، ومُربّي جيلين كاملين على الهداية القرآنية، والهدي المحمّدي، وعلى التفكير الصحيح، ومُحيي دوارس العلم بدروسه الحية، ومفسّر كلام الله، وغارس بذور الوطنية الصحيحة، ومُلقِّن مبادئها، وفارسُ المنابر، أوَّل رئيس لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأوَّل مؤسِّس لنوادي العلم والأدب، وجمعيات التربية والتعليم».

رجالٌ في رجُل واحد، وشخصيّات في شخصيّة واحِدة:

المربّي- المفسِّر- المحدِّث- المُصلح الديني والاجتماعي- الأديب- الخطيب- الكاتب- المدافِع عن العروبة والإسلام والوطن- المعِدّ للشباب- المعبّئ للشعب- الداعي إلى الحرية.

وفاتُهُ:

عاش الشيخ الرئيس الإمام عبد الحميد بن باديس لحرّية الجزائر وعروبتها وإسلامها، مردّدا:

   فإذا هلكتُ فصَيْحتي            تحْيا الجزائر والعربْ

 

ولم يُبال بصحّتِهِ الضعيفة لتي ازدادتْ تدهورا في السنين الأخيرة من حياته، فانتقل إلى جوار بارئه ليلة الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ، الموافق لـ 16 أفريل 1940م. ودُفن في مقبرة أسرته بمدينة قسنطينة.

نبذة عن حياة الرئيس الثاني محمد البشير الإبراهيمي:

 

مولِدُه:

وُلِد محمد البشير الإبراهيمي يوم الخميس 13 شوال 1306هـ، الموافق لـ 14 يونيو 1889م، في قرية “رأس الوادي” بناحية مدينة سطيف.

نشأ نشأة دينية في بيتٍ أسِّسَ على التقوى، والعلم، من قبيلة تُعرف بأولاد إبراهيم بن يحي بن مساهل، المرفوع نسبُها إلى إدريس بن عبد الله الجدّ الأول للأشراف الأدارسة.

تعليمُه:

أتمَّ حفظ القرآن الكريم على يد عمِّه الشيخ المكي الإبراهيمي، صاحب الفضل الأكبر في تربيته وتكوينه واكتشاف مواهبه مبكِّرا.

ففهِم مفردات القرآن الكريم وغريبه، وهو ابن تسع سنين، وحفظ ألفيّات ومُتونا كثيرة، ورسائل البلغاء، وأطرافها من دواوين الشّعراء.

وقد أجازَه عمُّه: مُعلِّمُه الأول، قبل وفاتِهِ، بالتدريس، وعمره أربعة عشر عاماً.

رحَلاتُهُ:

أقامَ بالقاهرة ثلاثة أشهر، حضَر خلالها بعض دروس العلم بالأزهر الشريف، وعرفَ أشهر علمائه، كما التقى بالشاعريْن الكبيرين: أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.

سافر إلى المدينة المنورة أواخر عام 1911م، وعندها استقرَّ فيها، درس فيها على كبار علمائها، ثم أصبح يُلقي الدروس للطلبة في الحرم النبوي.

والتقى هناك، عام 1913م، بالإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس. ولا شكّ أنّ في هذا اللقاء ميلادَ فكرة تأسيس جمعية العلماء.

اضْطُرَّ إلى الخروج من المدينة المنورة، فرحلَ إلى دمشق سنة 1917هـ، حيث درَّسَ الآداب العربية في لمدرسة السلطانية، وألقى دروس الوعظ في الجامع الأموي.

العودة إلى الجزائر:

عاد إلى الجزائر سنة 1920م، وفي مخيّلته فكرة حركة تُحيي الإسلام والعربية وتنشر العلم، وتبعث الأمة.

وقد أُعجب بعد وصوله بالنتائج المثمرة التي حقّقها ابن باديس الذي كان يقود حركة ثقافية وصحفية في مدينة قسنطينة.

أقام في هذه المرحلة بمدينة سطيف، حيث أنشأ مدرسة ومسجدا.

بدايات جمعية العلماء:

تأسَّست الجمعية في عام 1931م، فوضع محمّد البشير الإبراهيمي دستورها وقانونها الأساسي.

انتُخب نائبا لرئيس الجمعية، وتكفَّل بالمقاطعة الغربية للجزائر، فأسَّس في تلمسان عام 1937م “مدرسة دار الحديث”.

قيادة الحركة الدينية والثقافية:

بعد وفاة رفيقه الإمام عبد الحميد بن باديس عام 1940م، اختير خلفا له على رأس جمعية العلماء، وهو غائب في منفاه بآفلو.

أطلِق سراحُهُ في عام 1943م، فأصبح قائدا للحركة الدينية والعلمية والثقافية في الجزائر.فكان خلال هذه المرحلة معلِّما وموجّها ومرشدا، وموحّدا للصفوف، ومؤسِّسا للمدارس والمساجد والنوادي، ومُهيِّنا للعقول.

سُجن بعد أحداث مايو 1945م، ومكث في زنْزانتهِ تحت الأرض عاما كاملا، ذاق فيه الأمرّين.

استأنف نشاطه الدؤوب عام 1946م، فبعث جريدة “البصائر” كما أسَّس معهدا ثانويّا في قسنطينة. ومن هذا المعهد المشهور، تخرَّج رجالٌ قادوا الثورة المسلّحة، وساهموا بعد الاستقلال في بناء الوطن.

الرحلة الثانية:

سافر الإمام الإبراهيمي عام 1952م إلى المشرق العربي، ممثّلا لجمعية العلماء، فاتّخذ المساعي لقبول بعثات طلابية جزائرية، والحصول على الدعم المادي والمعنوي للجمعية، وعرَّف بالقضية الجزائرية في الأوساط السياسية. وكان له نشاط متنوّع ثري خلال هذه الفترة.

نِداءٌ إلى الشعب الجزائري:

بعد اندلاع الثورة بأسبوعين، وجَّه الشيخ الإمام محمد البشير الإبراهيمي نِداءً إلى الشعب الجزائري يدعوه فيه إلى:

بعد الاستقلال:

عاد إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال، وخلال هذه المرحلة الأخيرة من حياته، اضطرّ إلى التقليل من نشاطه، بسبب صحي من جهة، وسياسي من جهة ثانية.

ومن أبرز ما خَتَمَ به حياته العامرة الزاخرة حَدثان هما:

وفاتُهُ:

انتقل إلى جوار ربّه الشيخ الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم 20 ماي 1965م، ودُفِن بمقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة.

نُبذة عن حياة الرئيس الخامس: عبد الرحمن شيبان

 

مولِدهُ:

وُلد عبد الرحمن شيبان يوم 23 فيفري 1918م ببلدية الشرفة، ولاية البويرة.

تعليمه:

ختَم القرآن الكريم حفظا، وتلقّى مبادئ اللغة العربية والفقه بمسقط رأسه، ثمَّ بالزاوية السحنونية بالزواوة، وبني غليس، على الضفة الشمالية لوادي الصومام (بجاية).

إلتحق بالجامعة الزيتونية بتونس عام 1938م، حيث تحصَّل على شهادة “الأهلية” ثم شهادة “التحصيل في العلوم” عام 1947م.

وقد كان -خلال هذه المرحلة- رئيسا لجمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين.

نشاطهُ بعد العودة إلى الجزائر:

في المجال الديني:

مواصلة الإصلاح:

سماحة الشيخ عبد الرحمن شيبان من الذين يؤمنون أنَّ التقاعد في الوظائف الرسمية لا يعني إطلاقا التوقّف عن العمل والنشاط، والرُّكون إلى الراحة. دليلُهُ في الحياة قولُ الرسول عليه الصلاة والسلام: «الصحّة والفراغ مغبون فيهما كثير من النَّاس».

 

Exit mobile version